زينب الخواجة: سيرة من الاعتقالات.. والمقاومة المدنيّة
البحرين اليوم – (خاص)
اعتقال النّظام الخليفي للنّساء، واستهدافهم بكلّ وسائل الاعتداء، لم يكن حدثاً “غريباً” في السّيرة العدوانيّة للنّظام، لاسيما وأن هذه السّيرة تركّبت بعناصر إضافيّةٍ، من الانتقام والرّغبة الوحشيّة في إنزال العذاب بالبحرانيين، وكان توجيه الأيدي “الآثمة” نحو النساء جزءاً من الإفصاح عن هذه الطّبيعة. السّيرة قديمة جداً، وتعود إلى “حدث” الغزو الخليفي الذي ترافقَ بقصص كثيرة من المآسي التي كان النّساء في دائرتها. وقريباً من الذّاكرة، لا تزال حكايات النّساء المعتقلات والمعذّبات في انتفاضة التّسعينات حاضرةً لدى الجيل الحالي، وفي القلب منها “سبي” الخليفيين لنساءٍ من عائلة الجزيري، لحملهن على تقديم اعترافاتٍ كاذبة.
في ثورة ١٤ فبراير أخذت الحكاية أبعاداً أكثر تفصيلاً، لاسيما مع الحضور الفاعلِ والحاشد للمرأة في هذه الثّورة. خرجَت العديد من أسماء النّاس، ومن مختلف الفئات، ممّن سجلن بطولاتٍ في وجه الانتقامات الخليفية التي لا تُوصف.
على قائمة هذه البطولات، يبرز اسم النّاشطة زينب الخوّاجة. كانت الخوّاجة تحملُ على عاتقها أكثر من مسؤولية. فهي تُمثّل صوتَ أبيها، النّاشط المعروف عبد الهادي الخواجة، الذي أُريد قهْره، وبكلّ طُرق الإذلال والتعذيب وإرهاق الإرادة. كانت زينب معنيّة بإثباتِ أنّ أبيها انتصرَ داخل السّجن على كلّ تلك العذابات. إلى جانب ذلك، كانت زينب تشعر بأنها معنيّة بتثبيت خياراتِ أبيها، وإنجاحها أيضاً. تطلّب منها ذلك أن تبذل جهداً مضاعفاً، وأن تكون حاضرةً في الإعلام، وفي الميدان، وأن تُشعِل التّجارب الممكنة، والمؤثرة، للمقاومة المدنيّة. في الحصيلة، أبهرت زينب شعبها والعالمَ، قبل أن تُسْعِد أبيها، وعائلتها التي باتت رمزاً للنّضال غير الهاديء ضدّ الاستبداد. ويمكن، بنحوٍ ما، التقاط هذه الحصيلة من خلال الوقوف عند سرديّة الاعتقالات التي تعرّضت لها زينب، ومنذ إنطلاق الثورة، وحتى اليوم.
١- اعتصام – بيت الأمم المتحدة:
بتاريخ ١٥ يونيو ٢٠١١ أُعتقلت زينب لأوّل مرّة، وذلك أثناء اعتصامها أمام بيت الأمم المتحدة في المنامة، حيث كانت تُطالب بإطلاق سراح أبيها، وزوجها وافي الذي كان معتقلاً أيضاً آنذاك.
٢- تكبير – قاعة المحكمة:
في ٢٧ يونيو ٢٠١١ كانت تُعقد جلسة من جلسات محاكمة الرّموز ال ١٣، وبينهم عبد الهادي الخواجة. وكانت زينب حاضرةً في قاعة المحكمة، حيث نطق القاضي الخليفي بالحكم على أبيها بالسّجن مدى الحياة، فبادرت زينب إلى إطلاق صيحات التكبير، وسجّلت اعتراضها على الحكم وعلى تعذيب والدها الذي كان وقتها يُعاني من كسور في الجبهة. وقد عمدت القوات إلى اعتقال زينب مباشرةً من المحكمة.
٣- مقاومة مدنية – تشييع الشهيد عبد النبي العاقل
في ٢٤ نوفمبر من العام ٢٠١١م شاركت زينب في مراسم تشييع الشهيد عبن النبي العاقل في بلدة عالي. وفي ختام المراسم، توجّهت القوّات الخليفية لقمع المتظاهرين، وتحرّكت المركبات العسكرية نحوهم لإطلاق النيران ودهسهم، إلا أن زينب سارعت إلى التقدّم نحو المركبات، واقتربت نحوها ووقفت أمامها وهي تلوّح بعلامة النّصر وسط سُحب من الغازات السامة. وقد أُصيبت القوّات بالارتباك أمام هذه المقاومة، وقامت بمحاصرة زينب واعتقالها.
٤- دوّار زينب الخواجة
بتاريخ ١٥ ديسمبر ٢٠١٢م، أطلق المجموعات الثوريّة فعّالية “احتلوا شارع البديع”، استلهاماً بحراك شبيه جرى وقتها في الولايات المتحدة تحت عنوان “احتلوا”. وقد تجمّع مواطنون وسط دوّار محاذٍ لمجمع “الكاونتري مول”، (بالقرب من بلدة أبو صيبع)، ورفع المتظاهرون شعارات تُطالب بإطلاق سراح المعتقلين، واحتشدوا وسط الدّوار. القوات الخليفية هاجمت المعتصمين، وتمت ملاحقتهم بالقنابل الصوتية والغازات، إلا أن زينب الخواجة بقيت صامدة وسط الدّوار وحيدةً، ورفضت التّحرّك، وعمدت القوات الخليفية إلى تقييدها وجرّها بالقيد على نحو وحشي واعتقالها. وقد أُطلِق على الدّوار بعد ذلك اسم “دوّار زينب الخواجة”.
٥- الزحف نحو ميدان الشّهداء
شارك عدد من النشطاء والحقوقيين في فعالية دعت لها القوى الثورية بعنوان “الزحف نحو ميدان الشهداء” (دوار اللؤلؤة) وذلك بتاريخ ١٢ فبراير ٢٠١٢م، وذلك ضمن التحشييد لذكرى انطلاق الثورة. ومع وصول النشطاء إلى موقع قريب من الميدان تمّ منعهم من التقّدم، إلا أن زينب الخواجة واصلت مسيرها، حيث انقضّت عليها القوّات الخليفية وقامت بمحاصرتها من كلّ الاتجاهات، إلا أن زينب لم يؤثر عليها ذلك، وجلست في مكانها وهي تهتف بكلّ قوّة شعار الثّورة الكبير: “يسقط حمد”، إلى أن تمّ اعتقالها.
٦- تظاهرة في المنامة
شاركت زينب في التظاهرات التي تُقام في العاصمة المنامة، والتي دعت لها قوى الثّورة، وفي إحدى التظاهرت التي نُظّمت بتاريخ ٢١ أبريل ٢٠١٢م؛ تم اعتقال زينب مع آخرين، ومن مواقع مختلفة.
٧- إضراب عبد الهادي الخواجة
مع تدهور صحة الناشط عبد الهادي الخواجة بعد استمراره في الإضراب عن الطعام، تحرّكت زينب من أجل المطالبة برؤية أبيها والتضامن معه، إلا أن القوات منعتها من التوجّه إلى سجن جو، وتم اعتقالها في ٢٤ أبريل ٢٠١٢م.
٨- اعتصام المرفأ المالي
حرصت زينب على المشاركة في كل التظاهرات الشّعبية، وكانت تبتكر حضورا في الاعتصام الخاصة أو الفردية. وفي ٢ أغسطس ٢٠١٢م اعتصمت في الشّارع العام بالقرب من المرفأ المالي، حيث تمّ اعتقالها من هناك.
٩- اعتصام قرية القدم
في اليوم نفسه، كانت زينب تعتصم، وحدها، عند الشارع العام المحاذي لبلدة القدم، وقد أُعتقلت من موقع الاعتصام أيضاً.
١٠- تحرير بلدة العكر
تعرّضت بلدة العكر لحصار شديد من قبل القوات الخليفية، وشُنّت ضدها حملات متتابعة من المداهمات والعقاب الجماعي. وفي ٢١ أكتوبر ٢٠١٢ حوصرت البلدة من كلّ الجهات والمداخل، وأثارت القوات حالة من الهلع بين الأهالي، فبادرت مجموعة من النشطاء للمشاركة في فعالية “تحرير العكر” وكسْر الحصار عنها، وقد أعتقلت زينب أثناء مشاركتها في هذه الفعالية.
١١- مستشفى السلمانية
ضمن مواقفها التضامنية مع الضحايا والجرحى، ذهبت زينب بتاريخ ٩ ديسمبر إلى مستشفى السلمانية احتجاجاً علر حرمان المصاب عقيل الجمري من زيارة أهله له والاطمئنان على صحته. وقد أُعتقلت على أثر ذلك.
١٢- اعتصام أمام قصر الطاغية
بعد مرور أكثر من ٥ أيام على احتجاز النظام الخليفي لجثمان الشهيد محمود الجزيري، أبدت زينب احتجاجها على ذلك من خلال الاعتصام بتاريخ ٢٧ فبراير ٢٠١٣م أمام قصر حمد عيسى الخليفة، وسارعت القوات لاعتقالها من هناك.
١٣- إضراب جديد لعبد الهادي الخواجة
دخل الناشط عبد الهادي الخواجة في إضراب جديد عن الطعام احتجاجاً على استمرار اعتقاله، وقد وصلت الأنباء إلى أهله بأنه سقط مغشياً عليه أثناء الصلاة، ولم تقدّم إدارة سجن جو لهم أية معلومات عن صحته، رغم اتصالاتهم المتكررة، فتحركت زينب وحدها – ومن غير أن تحمل هاتفها الخاص – وتوجّهت إلى سجن جو، وقد تم إيقافها عند نقطة تفتيش قريبة من السجن، وأعتقلت من هناك بتاريخ ٢٨ أغسطس ٢٠١٤م.
١٤- محاكمات وجلسات شهرية
بعد الإفراج عنها في ١٦ فبراير ٢٠١٤م، حيث سُجنت بتهمة إهانة “حمد”، وتمزيقها صورته علنا، تعرّضت لسلسلة من المحاكمات، حيث كانت تُعرض للجلسات على نحو شهري. وفي إحدى الجلسات، في ١٤ أكتوبر ٢٠١٤م، عُرضت لإحدى الجلسات، ولكنها قرّرت حضور الجلسة بشكل مختلف، حيث قامت وقفت أمام القاضي وقالت بأعلى صوت: “أنا ابنة رجل حر وشجاع، ولدتني أمي حرة، وابني سألده حرا، وإنْ وُلِد داخل السّجن”، ثم قامت بتمزيق صورة “حمد”، ووضعت الصّورة أمام القاضي، لتُعقل بعدها مباشرة، وهي حامل في شهرها الثامن.
١٥- إصابة مباشرة
إلى جانب الاعتقالات، تعرّضت زينب الخواجة لاستهداف مباشر من قِبل القوات الخليفية، حيث أطلقت عليها النار وأصابت قدمها أثناء عملها الحقوقي ومراقبتها لتظاهرة انطلقت في بلدة بوري بتاريخ ٢٧ يونيو ٢٠١٢م.