زوجة ثاني معتقل في الثورة تروي معاناة عائلته لـ(البحرين اليوم)
استيقظ صبيحة يوم الخميس الدامي ١٧ من فبراير عام ٢٠١١ على أزيز الرصاص وصرخات المتظاهرين الذين هاجمتهم قوات النظام الخليفي في دوار اللؤلؤة. ركب سيارته وتوجه نحو دوار اللؤلؤة (ميدان الشهداء)، وهو الرياضي الذي يهوى سباق السيارات.
هاله منظر المرتزقة وهم يصوبون بنادقهم نحو المتظاهرين من أبناء شعبه العزَّل، فانطلق بسيارته ليكون حاجزا يصدّ به رصاص المرتزقة الذي يحصد صدور البحرانيين. انهالوا عليه من كل حدب وصوب حتى أخرجوه من نافذة سيارته مغميا عليه وملطخا بالدماء.
ساقوه إلى معتقلاتهم الرهيبة، وأذاقوه شتى صنوف التعذيب، حتى أصدرت محاكمهم الجائرة حكما عليه بالسجن مدى الحياة. إنه حمد يوسف الفهد؛ ثاني معتقل في ثورة الرابع عشر من فبراير.
وكالة أنباء (البحرين اليوم) أجرت مقابلة مع زوجته اليوم الخميس ( ٢٠ نوفمبر ٢٠١٤) وحدثتنا عن زوجها ومعاناة أطفاله الأربع من بعد تغييبه في السجون.
بدأت حديثها عن زوجها بوصف أول لقاء به في المعتقل بعد عدة أشهر من اعتقاله، حيث قالت بأنها “لم تستطع التعرف عليه” لشدة التعذيب الذي تعرض له في المعتقل. وكشفت عن قيام السلطات بتعذيبه بعد كل زيارة تقوم بها العائلة له.
أم ياسين، زوجة حمد، أوضحت بأن السلطات خصّصت له محامي أثناء محاكمته، إلا أنه لم يدافع عنه لأنها لم تتمكن من تكليف محام للدفاع عنه، كما وأن أحدا لم يساعدها في ذلك. مضيفة بأن زوجها يعاني من مشاكل صحية، مثل ارتفاع ضغط الدم، فضلا عن ضعف بصره، ورفض السلطات فحصه وتوفير نظارات طبية له.
وعن وضع العائلة المكونة من الزوجة وثلاث بنات وصبي، أوضحت أم ياسين بأن الأطفال يفتقدون أباهم، وخاصة الصغير ياسين، الذي كان في رياض الأطفال عند اعتقال أبيه قبل ثلاث سنوات. فالطفل ياسين وعند عودته للمنزل حينها وحال رؤيته لخفّ والده؛ استبشر فرحا، وهرول لرؤية والده ظنّا أنه عاد إلى المنزل، إلا أن صدمته كانت كبيرة عندما علم بأن أخته قد انتعلت خفَّه.
كشفت أم ياسين عن مشاعر أطفالها الذين يشكون مرارة غياب الأب، وهم يرون أقرانهم وزملاءهم في الدراسة بصحبة آبائهم، يلاعبونهم ويصطحبوهم إلى أماكن اللهو واللعب والتسوق.
وأما ابنته فاطمة فقد آثرت أن تعبّر عن مشاعر حبها واشتياقها لأبيها عبر قصائد شعرية، أو خواطر تكتبها بين الحين والآخر، وتدسها بين كتبها ودفاترها المدرسية، ولا تُطلع عليها أحدا سوى أمها التي اطّلعت عليها خلسة، فعلمت مدى معاناة ابنتها فاطمة، وتعلقها بأبيها المعتقل.
في إحدى خواطرها التي كتبتها “فطوم”، كما يحلو لها أن تسمي نفسها، وتحت عنوان (أبي العيد) تقول في مطلعها:
“أبي العيد والفرح، أبي لولاك لم أكن موجودا في الحياة، أبي الذي تسكن في قلبي لكن الظلاّم كسروا قلب عائلتك وجيرانك وأصحابك”.
زوجته التي خنقتها العبرة كشفت لنا قوة زوجها، ومدى إيمانه بقضيته وعدالتها وصبره وشكيمته، وقالت “نحن نستمد القوة منه، وهو الذي يوصينا بالصبر والاعتماد على الله”. أم ياسين وجهت نداءا عبر (البحرين اليوم) إلى الأحرار في كل مكان، راجية منهم ألا يضعوا قضية زوجها في أدراج النسيان، وهو الذي كان من أوئل الثوار الذين خرجوا إلى الدوار.
إنها عائلة أخرى تختصر مأساة البحرانيين في ظل النظام الخليفي الذي حول البحرين إلى سجن كبير، يضج بأنين الضخايا وصرخات الثكالى ودموع الأطفال، وكلهم أمل بيوم مشرق، تزول فيه هذه “الغمة الخليفية” عن هذه “الأمة الصابرة المحتسبة”، كما يقول البحرانيون.