خليط الخارطة العراقية: براجماتية الصدر ومقاومة العامري.. ودينامية العبادي
البحرين اليوم – (خاص)
بقلم: كريم العرادي
كاتب من البحرين
لا زلت من الذين يعتقدون أن العراق يمكن أن يكون له دور أكبر مما هو عليه الآن. ولدي اعتقاد بأن السعودية تفعل كل ما بوسعها من أجل إشغال العراق بنفسه لكي لا يؤدي الدور أو الأدوار الكبرى التي يُفترض أن يقوم بها. وأعتقد أيضا أن نتائج الانتخابات الأخيرة يمكن أن تكون فرصة ذهبية لكي يتم الدفع أكثر بالعراق والعراقيين للانتباه لهذه الأدوار “الإقليمية” التي لازالت عالقة أو معاقة لأكثر من سبب داخلي وخارجي.
أنا من الذين لديهم عتب كبير على السيد مقتدى الصدر، وخاصة بعد الخطوة المفاجئة بانفتاحه على آل سعود، ولكني في الوقت نفسه لازلت أحمل ظنونا حسنة عديدة بهذا الرجل الذي فازت كتلته الانتخابية (سائرون) بأعلى الأصوات في الانتخابات الأخيرة (٥٤ مقعدا). هذا الفوز يعطي الصدر حيثية إضافية داخل العراق، كما أنه يمنحه وضعية مهمة على المستوى الخارجي، وهو ما يمكن استشعاره بعد أن زاره سفراء السعودية والكويت والأردن وغيرها. بتصدّره في الانتخابات؛ يكون مطلوبا من الصدر أن يُنجز بعضا من الملفات التي تنادي بها قاعدته الشعبية، وخاصة في ملف البحرين، وهو اليوم قادر على أن يفعل ما هو أكثر من التظاهرات – التي جمّدها بعد التقارب السعودي – وأكثر من الدبلوماسيات عديمة الجدوى التي أُصيب بعدواها منذ أن حلّ في قصور آل سعود. لا يحمل هذا تشكيكا أو مزايدة على الصدر، ولكنها رسالة مفتوحة من أجل استيعاب الأدوار الغائبة المناطة به بعد أن استوى بأغلب الأصوات في البرلمان.
هذه الكفّة التي يمثلها مقتدى الصدر ينبغي أن تتوازى مع الكفة الأخرى التي يمثلها تحالف الحشد الشعبي (الفتح) بقيادة هادي العامري، والذي جاء ثانيا في عدد المقاعد داخل البرلمان (٤٧ مقعدا)، في حين حصد تحالف رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي على ٤٢ مقعدا. هذه الخارطة تضع الخيار الذي يمثله الحشد الشعبي نصب عين المتابعين للمشهد العراقي، كما أنها تفتح إمكانات واسعة لكي يتحرك العراقيون بطريقة أخرى في مقاربة ملفات المنطقة، وذلك بالعمل على صياغة موقف سياسي يمزج بين براجماتية العمامة (الصدر) ومبدئية المقاومة (العامري)، مع إضافة الدينامية الجامعة التي أتقن العبادي تنفيذها في أكثر من قضية وملف داخل العراق وخارجها.
الوجهة الأبرز التي يؤمّل من هذه الخارطة أن تتحرك نحوها هي تلك التي تتعلق بالملفات الإقليمية المتقاطعة في الخليج، أي في ملف الحرب الباردة بين السعودية وإيران، والاضطهاد الانتقامي الذي يمارسه آل خليفة في البحرين، إضافة إلى الاضطهاد الموازي الذي يهندسه آل سعود بحق المواطنين في المنطقة الشرقية. ووفق كل المعطيات، ونتائج التجارب الماضية، فإن أمورا كثيرة يمكن أن يحققها العراق على هذا الصعيد، وبدرجات أكثر إيجابية وعملانية، وبما يمكّن العراقيين من إعادة “ضبط” الوضع الإقليمي ويحفظ مكانة هذا البلد العريق، ويدفع بالخيارات الديمقراطية لشعوب المنطقة إلى الأمام.