خاب من لجأ إلى حمد
البحرين اليوم – متابعات ..
من السذاجة والجهالة والحماقة أن يُستعان بالذئب لحماية القطيع .. المسألة عقلائية بديهية! قبل أن تتوسم الخير في جهة ما أو شخص معين يجب أن تكون عارفا بطباعه وسماته وتفكيره حتى لا تقع في المحذور ..
الجميع عاين وما يزال سيرة حاكم البحرين حمد الخليفة، وعرف طباعه وسماته واكتوى بناره، وليس من العقل والرجاحة أن تحتمي من النار بالإقتراب منها، “لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين”.
خلال ما يربو على العشرين سنة منذ تسلم حمد سدة الحكم، دشن عهده بالإنقلاب على الدستور، ونكث عهده مع شعب البحرين بعد أن تصويتهم على ميثاق العمل الوطني. هذا الإنقلاب كان كافيا لتحديد ماهية وطبيعة وعقلية هذا الحاكم ونظامه وسياسته. مع هذا ومن باب إلقاء الحجة، ومنع التصعيد، وتجنيب الناس المزيد من الويلات ظل الأمل معقودا على تغير عقلية النظام باستخدام مختلف الوسائل بما فيها المناشدات والعرائض ومحاولة الضغط “اللين” المترافق مع الرغبة الجامحة في التواصل والتفاهم والتوافق. هذا المسار أوقع المعارضة والمتصدين في شراك الخديعة مجددا، وجعل حمد الخليفة يتمادى مع الأيام بالاستهتار والاستخفاف بكرامة الناس وحقوقهم,
خلال العشرين سنة تكرر نكث العهود من قبل الحاكم، وقد رسخ في عهده مجموعة من السياسات الاستإصالية ضد السكان الأصليين، من بينها تكريسه للتميز الطائفي الذي يتضح من خلال توزيع الدوائر الانتخابية، وتقليص الوزراء من الغالبية، وحكر التوظيف في بعض المؤسسات الحكومية على لون وطائفة معينة. وإمعانا في هذا المشروع الممنهج اعتمد خطة خبيثة لتغيير التركيبة السكانية واستبدال المواطنين بوافدين ومرتزقة وتوطينهم ومنحهم الجنسيات، وبالتوازي شرع في سحب الجنسيات من المواطنين وترحيلهم. ووقد ذكر تقرير البندر منذ عام ٢٠٠٦ كثي من المعلومات الخطيرة في هذا الصدد والتي تبين صدقها بنسبة ٩٠ في المئة.
بعد تفجر ثورة ١٤ فبراير أظهر حمد إلى جانب خباثته، وحشية وعدوانية غير مسبوقة، لم يمارسها أي حاكم من آل خليفة سواه، وهو قيامه بهدم عشرات المساجد، واستباحة الأعراض والاعتداء على المقدسات، وتعذيب العلماء، ويضاف إلى ذلك تفريطه بسيادة البلد باستقدام الجيوش الخارجية لقمع الشعب الأعزل.
تاريخ أسود مليء بالمخازي ونكث العهود توجه بعار وخيانة كبيرة بالإرتماء في أحضان الصهاينة وتمكينهم من أرض البحرين، والإعلان السافر بالتحالف معهم. قرار التطبيع والخيانة يخالف الفطرة الإنسانية ويتعارض مع الدين والثقافة ويتحدى مشاعر المواطنين وقيمهم ومبادئهم، وإن دل على شي فإنما يدل على أن هذا الحاكم الأرعن هو وجه آخر للصهيونية، وهو ما تؤكده الشواهد الحية. فكما أن الكيان الصهيوني استهدف المقدسات واستباحها في فلسطين المحتلة، فعل ذلك حمد الخليفة في البحرين، وكما احتل الصهاينة فلسطين، قام حمد بتمكين المحتلين من البحرين، وكما شُرد الفلسطينيون فعل حمد بالبحرانيين ذلك.
والسؤال هنا، أمام هذا التاريخ المخزي، والجرائم المروعة، هل يُعقل أن يتوسم الإنسان خيرا من حاكم لم يصدر منه إلا الشر؟! وهل يجوز عقلا وشرعا محاباته والتودد إليه بذريعة وجود احتمالية تخفيف الضغط على الناس، وتسكيت أنات المحرومين؟ ثم أن هذا الحاكم المجرم ملأ السجون بالأبرياء وعرضهم للتعذيب وأصدر عليهم الأحكام الجائرة، وصادق على إعدام خيرة شباب الوطن، وإذا قام (مرغما) بإطلاق سراح بعض السجناء يعتبر البعض ذلك منة وتكرم وعطف منه؟! ترى من الذي سيضمن عدم معاودة اعتقال من يتم إطلاق سراحهم في المستقبل كما فعل ذلك من قبل مرات ومرات؟!
لا شك بأن المعاناة كبيرة، والتبعات الاجتماعية على العوائل الأمهات والزوجات والأبناء صعبة للغاية، وهذه مسألة مفهومة من هذه الزاوية، تدفع بعض الذين لوعهم فراق الأحبة للتمسك بأي خيط من الأمل لخلاص أحبتهم. لكن اللوم هنا والعتب يقع على أصحاب الأقلام، والمؤثرين وكل رمز في أي موقع يسمح لنفسه تبييض صفحة الحاكم الجائر، وتقديمه للناس على أنه الودود العطوف المؤمل والمرتجى ليوم الشدة والبلاء. واختزال تلك الجماعة معاناة الناس والشعب والوطن في ملف السجناء، مع إرجاء ملف الاستبداد والتطبيع وتجنب الخوض فيه. هؤلاء يطالبون بنصف كرامة، ويقدمون للنظام على طبق من ذهب صك البراءة، ويقومون بتثبيت الدعاية الحكومية من حيث لا يشعرون. بل أن غاية المنى لهؤلاء أن يخرج السجناء بالطريقة التي يريدها النظام تحت قانون العقوبات البديلة أو السجون المفتوحة، وبذلك ساعدون النظام على إضفاء شرعية لقوانين جائرة توفر ظلما بديلا” كما عبر عن ذلك سابقا آية الله شيخ عيسى قاسم.
المشكلة العظمى هنا أن أصحاب هذا المنهج لا يتعلمون من التجارب، أو أنهم لشعورهم بالعجز وقلة الحيلة يستمرأون طريق الاستجداء والاستعطاف فيسيؤون لأنفسهم قبل اسائتهم للشعب، ولا يجنون من ذلك إلا السراب. النتيجة من يلجأ إلى حمد الخليفة سيخيب، وستبقى شعلة الثورة وقادة، حتى لو حاول النظام أو المستسلمين له إطفائها، و” الحمد لله الذي يؤمن الخائفين، وينجي الصالحين، ويرفع المستضعفين، ويضع المستكبرين، ويهلك ملوكًا ويستخلف آخرين. والحمد لله قاسم الجبارين، مبير الظالمين، مدرك الهاربين، نكال الظالمين، صريخ المستصرخين، موضع حاجات الطالبين، معتمد المؤمنين”.