المنامة

حصاد لأبرز الأحداث التي شهدتها الساحة البحرانية خلال العام 2023!

البحرين اليوم- المنامة

بداية العام.. عهد الوفاء للشهداء والتمسك بحق العدالة

مع كل روح مناضلة وشجاعة، يستعد شعب البحرين لافتتاح سنته الجديدة بالتأكيد على تمسكه الراسخ بقيم العدالة والوفاء للشهداء الذين قدموا أرواحهم في سبيل قضيتهم الوطنية والإنسانية والدينية. يأخذنا هذا الخبر في رحلة إلى قلب الاحتفالات والتظاهرات التي ترافق ذكرى الشهيد آية الله باقر النمر وشهداء الأمة الإسلامية عموماً، مروراً بشهداء الإعدام في البحرين، الشهيد عباس السميع، الشهيد سامي مشيمع والشهيد علي السنكيس، الذين يحتفي شعب البحرين بذكراهم مجدداً العهد والوفاء في السير على الدرب والتمسك بحق الثأر والقصاص. في هذا السياق عبر الشعب البحراني مطلع العام 2023 عن هذه الرسائل من خلال التظاهرات والفعاليات المختلفة التي رفعت فيها صور الشهداء وصدحت فيها الحناجر بأسمائهم وأهدافهم السامية.

تصاعد الحراك الميداني مع دخول الثورة عامها الثاني عشر، وعمت التظاهرات مختلف مناطق البحرين تؤكد على ذات المطالب التي ثار من أجلها الشعب في ١٤ فبراير. ومع تطورات الأحداث شهدت البحرين تظاهرات واسعة صاخبة في مناسبات عديدة، من بينها فترة اعتقال الشيخ محمد صنقور، وفي أيام إضراب السجناء السياسيين تحت شعار “لنا حق”، وبلغت ذروة التظاهرات مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في الثامن من أكتوبر. حيث توجهت الجماهير صوب السفارة الأمريكية وحدثت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الشغب التي أمطرت المنطقة بوابل من الغازات الخانقة.

وفي حادثة أليمة، تلقى الشعب البحراني خبر مؤسف بإعدام الشابين البحرانيين صادق تامر وجعفر سلطان، اللذين اعدمتهما السلطات السعودية بزعم انضمامها لخلية إرهابية. وقد أثار هذا الحادث المأساوي والمحزن غضب البحرانيين حيث جابوا الشوارع مطالبين بحق العدالة والقصاص للشهيدين المظلومين.

ومع تطور تدحرج الأحداث في غزة توسعت التظاهرات في البحرين منددة بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، وانتقلت التظاهرات إلى العاصمة المنامة، ووصلت إلى المحرق، وبدأ التيار المحسوب على الموالاة في التناغم مع الحراك الشعبي إذ جمعت البحرانيين سنة وشيعة ومعارضة ومولاة القضية الفلسطينية، فيما ظل النظام الخليفي كيان شاذ عن الثقافة العامة في البحرين وخارجها.

من لندن: المعارضة البحرانية تعقد مؤتمرها الأول تزامنا مع الذكرى الثانية عشر لثورة 14 فبراير 

نظمت المعارضة البحرانية مؤتمرها الأول في العاصمة البريطانية لندن، وحظي المؤتمر الأول بمشاركة واسعة جمعت أكاديميين ونشطاء ومعارضين بحرانيين من دول مختلفة بينها ألمانيا، بلجيكا، السويد، كندا، أمريكا، أستراليا. وشنت الصحف الخليفية حملة مسعورة للتشويش على المؤتمر مستخدمين المعارض السابق والمتهم بالعمالة لإسرائيل جاسم الحسين، لإطلاق سيل من الاتهامات ضد المعارضة ومحاولة التأثير السلبي على المؤتمر. مع هذا نجح المؤتمر في الإنعقاد، وحظي بالتغطية الإعلامية المطلوبة، وكان بداية مشجعة للعمل الجماعي بين مختلف فصائل المعارضة، الأمر الذي أشاد به آية الله الشيخ عيسى قاسم مطالبا بالمزيد، كما أشادت به قيادات بارزة في المعارضة.  إلا أنها نجحت في توحيد جبهتها تحت شعار “مستمرون”.  وقد لاقت دعماً كبيراً من آية الله الشيخ عيسى قاسم الذي أشاد بالخطوة الجريئة والفعّالة نحو تعزيز التوحيد والتنسيق داخل صفوفها. وتناغم المؤتمر مع شعار (مستمرون) الذي اختارته قوى المعارضة شعارا لذلك العام تأكيدا على مواصلة النضال ضد الإستبداد الخليفي.

النشاط البحراني في الخارج

استمر النشاط البحراني بتميزه في الخارج، ظهر ذلك من خلال العرائض البرلمانية وكثافة الأسئلة التي يوجهها أعضاء البرلمانات في بريطانيا على سبيل المثال والاتحاد الأوربي. إلى جانب ذلك التغطيات الإعلامية لأحداث وقضايا مختلفة تخص الشأن البحراني ، مثل قضية السجين أحمد جعفر الذي تقدم بقضية في المحكمة الأوروبية ضد تسليمه من صربيا إلى البحرين.

كما سلط الإعلام الضوء على بعض القضايا البارزة مثل قضية استمرار اعتقال الرمز عبد الهادي الخواجة، والتضييق الذي يتعرض إليه في السجون، وقد تجلى تأثير هذا التفاعل في الحملات التضامنية الواسعة التي نظمتها المنظمات الحقوقية لدعم الخواجة والمطالبة بالإفراج عنه.

تحولت هذه الحملات إلى صوت دولي يدعو إلى احترام حقوق الإنسان والعدالة في البحرين، وذلك من خلال التركيز على قضية الخواجة وباقي الرموز كرمز للظلم الذي يمارسه النظام الخليفي المتصهين.

من جانب آخر ربح السيد أحمد الوداعي دعوة قضائية ضد النائب المحافظ بوب ستيورات، حيث قضت محكمة بريطانية بتجريب الأخير بتهمة الإساءة العنصرية، وبذلك أنهى الوداعي الحياة السياسية للنائب الحليف لنظام آل خليفة، والذي كان يتردد بشكل دوري لزيارة البحرين. وقد تلقف الإعلام البريطاني خبر محاكمة بوب ستيورات باهتمام بارز وواسع، ومن ورائه الأوضاع العامة في البحرين.

اعتقال الشيخ محمد الصنقور

اعتقل نظام آل خليفة إمام أكبر صلاة جمعة في البحرين، المحقق الشيخ محمد صنقور، الذي تم حبسه لأكثر من أسبوع على ذمة التحقيق، بعد أن وُجِّهت له تهمة “بغض طائفة”.وجاءت هذه التهمة على خلفية تعليقه في خطبة الجمعة 19 مايو، على تغيير المناهج الدراسية، الذي تم تجميده لاحقًا. وأثار الشيخ صنقور الجدل بربطه هذا المقترح بمسألة التطبيع، واتهم فيها النظام بالسعي إلى إرضاء الصهاينة ونسف القيم والمبادئ الدينية الثابتة.

وربما كان اعتقال صنقور بهدف تهديد وتخويف الشارع السني الذي اعترض رموزه كذلك على مقترح تغيير المناهج الدراسية بما يتناغم مع الرغبات الإسرائيلية، حيث أصدرت عشرات الشخصيات بياناً مشتركاً طالبت السلطة بإلغاء مقترح تغيير المناهج الدراسية.المظاهرات الغير مسبوقة التي خرجت غضبا وتنديدا باعتقال الشيخ محمد صنقور، أرغمت السلطات الخليفية على إطلاق سراحه بعد أسوع من الاعتقال، لكن السلطات استمرت في سياسة التضييق على صلاة الجمعة من خلال مظاهر الاستنفار الأمني في محيط جامع الإمام الصادق أسبوعيا.

لنا حق: أكبر إضراب في تاريخ سجون البحرين

خاض سجناء الرأي في سجون آل خليفة المظلمة، أكبر إضراب عن الطعام في تاريخ البحرين، بدءًا من 7 أغسطس 2023، احتجاجًا على سلب السلطات الخليفية لحقوقهم الصحية والإنسانية والاجتماعية. وقد كشف هذا الإضراب محنة السجناء ومطالبهم في ظل سياسات التضييق والحقد والقمع التي يتعرضون لها. وخرجت من أقبية السجون عشرات التسجيلات الصوتية التي كشف فيها السجناء عن حجم الانتهاكات التي يتعرضون لها بصورة منهجية تهدف إلى كسر إرادتهم والانتقام من مواقفهم.إضراب السجناء انتقل إلى حراك ميداني واسع على الأرض، فاجتاحت التظاهرات المطالبة بتبييض السجون مناطق البحرين المختلفة، كما تفاعل الأهالي وانضم إلى الإضراب عدد من أمهات السجناء وذويهم. وبالتوازي نُظمت وقفات احتجاجية ورمزية تضامنية من خارج البحرين في عدد من العواصم العالمية مثل لندن وألمانيا. وعبرت المنظمات الدولية عن قلقها حيال الأوضاع المزرية في سجون آل خليفة مجددة مطالباتها بإطلاق سراح سجناء الرأي في البحرين.

على الرغم من الاهتمام الواسع الذي ناله هذا الإضراب من تغطية إعلامية عربية ودولية، ظل صوت السلطات الخليفية صامتًا، أو ناطقا في بعض الأحيان بالنفي والتضليل، لكنهم لم يتمكنوا من إخفاء حالة التوتر والإرباك التي كانت واضحة في تخبطهم وطريقة تعاطيهم من إضراب السجناء، بدليل محاولات التفاوض مع السجناء في أوقات متأخرة من الليل عبر التظلمات تارة، أو من خلال المؤسسة الوطنية تارة أخرى أو بالتهديد والوعيد. إضراب السجناء وإن لم ينتهي بتحقيق كافة المطالب، إلا أنه حمل جوانب مهمة، أولها  صمود السجناء الذين يتحملون التضييق والقمع من أجل الحفاظ على كرامتهم ونيل حقوقهم وحريتهم. ثانيًا، أنه أظهر الوجه الحقيقي للنظام الوضيع الحاكم في البحرين وأبدى كل خباثته ووحشيته في التعامل مع البحرانيين.

حالة الرموز المعتقلين في البحرين: إهمال صحي وتعسّف سلطوي

في سياق متصل من التصاعد والقمع، تظهر حالة الأسرى السياسيين في البحرين بأوضاع صحية وإنسانية مأساوية، حيث فُرض عليهم إهمالًا صحيًا وتعسّف سلطوي، نال نصيب وافر منه رموز الثورة وقادة المعارضة في السجون. حُرم الرمز الشيخ سعيد النوري من إلقاء نظرة الوداع شقيقه وهي أبسط الحقوق الإنسانية للسجين، ولم تنتهي لوعة الفقد والحرمان حتى فجع الشيخ بوفاة والده في نهاية العام، لتبقى الحسرة والغبن يغلي بين الضلوع.

الرمز عبدالهادي الخواجة: عبّرت منظمات حقوقية عن قلقها إزاء الوضع الصحي للخواجة، الذي يواجه إهمالًا جسيمًا وتجاهلًا لحقوقه الأساسية. يُشير إضرابه عن الطعام إلى رفضه للسجن الظالم مطالباً بتحسين ظروف السجن وإنقاذه من سياسات الموت البطيء.

الرمز الأستاذ عبدالوهاب حسين: تعرض الأستاذ عبدالوهاب حسين لإهمال طبي خطير، وتقييدات على مواعيده الطبية، مما شكل تهديدًا كبيرًا لصحته وحياته. يظهر هذا الإهمال سياسات السلطات الخليفية للتعسف والقمع.

الرمز الأستاذ حسن مشيمع: استمر عزل الأستاذ حسن مشيمع في مركز كانوا منذ يوليو 2021 ، بالتوازي مع استمرار  التضيقات.  أُجريت للأستاذ فحوصات في الكلى مطلع شهر نوفمبر وتم تغيير دواء السكر بسبب مشاكل صحية. ومع عدم وجود استقرار في الحالة الصحية ترفض السلطات تسليمه أو عائلته أي تقرير طبي مكتوب. ويقول الاستاذ نقلا عن عائلته ” إن السلطات حاولت تصفيته سياسيا من خلال العقوبات البديلة التي رفضها قبل عامين، وهم يعملون على تصفيته جسديا من خلال التعامل الطبي المريب مع حالته الصحية”.

الرمز الدكتور عبدالجليل السنكيس: رغم استمرار إضرابه عن الطعام الصلب لأكثر من سنتين، يتعرض الرمز لتضييق خانق من قبل السلطات الخليفية. التضييق يظهر في أشكال مختلفة منها مداهمة الضباط أو الشرطة لزنزانة السنكيس في منتصف الليل بهدف إزعاجه وإيقاظه من نومه. إلى جانب الإهمال الطبي وحرمانه من العلاج. هذا الإجراء القمعي يُظهر استمرار الضغط على الدكتور السنكيس وتعسف السلطات في محاولة لكسر إرادته وتفريغ مظاهر احتجاجه ضد مصادرة أبحاثه التي استولى عليها السجانون بغير وجه حق في العام 2021.

عودة مضطربة للعلاقة بين البحرين وقطر

فيما يتعلق بالعلاقة مع قطر، يظهر أن تجاهل قطر للبحرين أجبر حمد لكسر غروره والذهاب صاغراً للدوحة. وهذه الزيارة تعد الأولى من نوعها منذ بداية الأزمة الخليجية عام 2017 وفرض الحصار على قطر.الزيارة جاءت في إطار مشاركة حمد الخليفة في أعمال الدورة الرابعة والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث أظهرت محاولة لإعادة ترميم العلاقات بين البحرين وقطر. ومع ذلك، عادت  العلاقات لكن بشكل ظاهري وغير مستدام.

انغماس النظام الخليفي بمستنقع التطبيع

شهدت البحرين تحولات سياسية واقتصادية ملحوظة خلال العام، حيث قام النظام الخليفي بتعميق علاقاته مع الكيان الصهيوني بشكل سافر. وتجسد ذلك بزيارة وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، البحرين. وقد أثارت هذه الزيارة غضب البحرانيين الذين افترشوا الشوراع استنكاراً لتدنيس النظام الخليفي أرض البحرين بالصهاينة.

على الرغم من أن الزيارة تم تسويقها بعنوان “افتتاح السفارة”، فإن هناك جوانباً أخرى تم التركيز عليها، خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية. وكشف بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية عن مناقشات تجارية هامة عقدت بين الوفد الإسرائيلي والمسؤولين الخليفيين.

وبعد انغماس النظام الخليفي بمستنقع التطبيع، ختم عام 2023 بالمشاركة في تحالف عسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية ضد اليمن من أجل حماية السفن الصهيونية، ومساندة “إسرائيل” في تضييق الخناق على أهالي غزة. ويقف نظام آل خليفة دون غيره من الدول العربية والإسلامية بما فيها الدول المشاطئة للبحر الأحمر، كنظام حقير ووضيع، وأداة يستخدمها الغرب، خاصةً الولايات المتحدة، لتحقيق مصالحهم.

وفي محاولة بائسة لاسكات الأصوات قام النظام الخليفي باعتقال المعارض الوطني البارز وأمين عام جمعية وعد سابقا الأستاذ إبراهيم شريف، بعد أن كتب سلسلة من التغريدات المنددة بانضمام البحرين إلى التحالف الرامي لحماية اسرائيل، الأمر الذي زاد السخط الشعبي ضد سياسات آل خليفة التي يصفها الكثير من المواطنين بالصهيونية. ورغم أن السلطات أطلقت سراح شريف بعد أسبوع من الاعتقال، إلا أن التهديد والملاحقة للمواطنين الرافضين للتطبيع ما زالت مستمرة وتأخذ أشكالاً مختلفة، وهي بلا شك بحسب مراقبين قد تؤدي إلى “ثورة عارمة في المستقبل ضد نظام آل خليفة اللاشرعي”.

يمكن القول أن عام 2023 مرحلة فاصلة على المستويين المحلي والخارجي، فبعد طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على غزة، تحولت القضية الفلسطينية وأكثر من أي زمن مضى، إلى ميزان يمايز بين العهر والفضيلة، وبين الأنظمة والحكومات التي تحترم القيم والمبادىء الإنسانية العربية الإسلامية، وبين الأنظمة التي انسلخت عن كل تلك القيم. ففي الوقت الذي يذبح فيه أطفال ونساء غزة كانت بعض العواصم ترقص وتغني، فيما كان عواصم أخرى تتظاهر وتلبي نصرة غزة مثل اليمن، وبطبيعة الحال البحرين تتأثر بمحيطها وبالإقليم، والنظام الخليفي يكشف وجهه أكثر للصديق والعدو، وينعكس ذلك في تعزيز الضال والثورة والشعارات التي تتبرأ من أفعاله وسياساته وتطالب بتغييره.

من جانب آخر فإن الحقيقة باتت ظاهرة كعين الشمس، فمهما أنفقت السلطة الخليفية من أموال من أجل تبييض سجلها الحقوقي الأسود، فلن يجدي ذلك نفعاً، لأن المنظمات الحقوقية والعالم بأسره يرى بوضوح وجهها القبيح.

مما سبق يرى بعض المحللين أن انتصار غزة سيضعف جبهة عملاء الصهيونية، وأمام كل تحدي تبرز فرص، ولهذا ربما يجد شعب البحرين فرص إضافية لتوسيع حراكه ونشاطه ونضاله ضد النظام حين تضع الحرب أوزارها في العام الجديد. وفي كل الأحوال سواء تغيرت الظروف المحيطة، أو ظلت الأوضاع تراوح كما في السابق، فإن الإرادة الثورية لشعب البحرين لن تهتز بحسب معطيات التاريخ والتجارب، وكما يقول البحرانيون في مظاهراتهم ” طال الزمان أو قصر الشعب سوف ينتصر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى