جهاز الأمن الوطني “في حيص بيص”: استقبال زوج الناشطة المعتقلة الصائغ.. وتهديد بعدم نشر “فضائح التعذيب”
المنامة – البحرين اليوم
بعد يومين من نشر تقرير حقوقي تحدث فيه نشطاء بحرانيون عن وقائع تعرضهم للتعذيب في جهاز الأمن الوطني بالبحرين؛ استقبل المفتش العام التابع للجهاز المذكور محمد راشد الرميحي، (استقبل) زوج الناشطة الحقوقية المعتقلة ابتسام الصائغ التي كانت إحدى ضحايا التعذيب في الجهاز، وقالت وكالة الأنباء الرسمية بأن اللقاء جاء “للوقوف على ملابسات ما تم نشره والتحقق من مدى صحة الإدعاءات الواردة” بحسب زعم السلطات.
وأعلنت الوكالة اليوم الخميس ٢٤ أغسطس ٢٠١٧م، بأن الرميحي استقبل في مكتبه اليوم زوج الصائغ برفقة النائبين في البرلمان الخليفي خالد الشاعر وعلي العرادي، – وهي رفقة وضع نشطاء عليها علامات الشك – وادعى الرميحي بأن ما وصفها بـ”المعاملات” (في إشارة للتعذيب) “تخضع للمحاسبة الصارمة”، ولكنه هدد في الوقت نفسه بـ”اتخاذ الإجراءات القانونية حيال أي ادعاءات يثبت عدم صحتها”، كما هدد مباشرة بعدم نشر “الاتهامات من خلال المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي” وأن “النيابة العامة هي الجهة المختصة بالتحقيق” وأن على “من يدعي امتلاكه لأية أدلة أن يتقدم بها إليها” بحسب زعمه. واعتبر الرميحي كشف الانتهاكات والتعذيب “قذفاً” و”تشهيرا” وهدد بملاحقة من يقوم بذلك.
وكانت ثلاث منظمات حقوقية، وهي معهد الخليج لحقوق الإنسان ومنتدى البحرين لحقوق الإنسان ومنظمة سلام للحقوق والديمقراطية، نشرت تقريرا تحت عنوان “غرف الموت”، عرض لشهادات نشطاء تعرضوا للتعذيب الجسدي والنفسي في جهاز الأمن الوطني خلال الأشهر القليلة الماضية، وبينهم الناشطة الصائغ التي تمت اعتقالها مجددا في مايو الماضي بعد كشفها للتعذيب الذي تعرضت له في الجهاز، وأعلنت النيابة العامة الخليفية توقيقها لمدة ٦ أشهر بعد أن اتهمتها بالانتماء إلى “تنظيم إرهابي”.
ونقلت وكالة رويترز أمس عن “مسؤول أمني” لم يكشف عن اسمه زعمه بأنه “سيأخذ التقرير على محمل الجدية وسيحقق في الإدعاءات الواردة فيه”.
وقال ناشطون بأن الجهاز المذكور بدأ يمارس “سياسة” جديدة في “الالتفاف” بعد شيوع الشهادات الحية التي قدمها نشطاء تعرضوا للتعذيب في مبناه بالمحرق، مشيرين إلى بروز اسم محمد الرميحي “المفتش العام” في الجهاز المذكور، وهو المكتب الذي ظهر خلال حوادث التعذيب بعد أن نشر المدون يوسف الجمري في وقت سابق من شهر أغسطس الجاري شريط فيديو كشف فيه عن تعرضه للتعذيب النفسي والشتائم والتهديد بالقتل بسبب نشاطه التدويني بعد استدعائه للتحقيق من قبل الجهاز، وتوجه الجمري إلى الحاكم الخليفي حمد عيسى وحمله مسؤولية حمايته من الجهاز الذي بادر بعدها إلى “الالتفاف” على الفضيحة من خلال ما زعمه المفتش العام للجمري بالتحقيق في الإدعاءات وإرجاع “الأمانات” التي صادرها الجهاز.
ويشكك ناشطون في جدية السلطات الخليفية في إجراء “تحقيقات نزيهة وعادلة”، مشيرين إلى أن “جهات التحقيق هي ذاتها تابعة للأجهزة الحكومية المتهمة بارتكاب الانتهاكات”.
وكان لافتا أن السلطات “وقعت في ارتباك واضح” بعد تورط جهاز الأمن الوطني في “انتهاكات فاضحة كشفها ناشطون ووثقتها منظمات دولية”، وهو ما دعا ناشطون إلى القول بأن الجهاز وقع “في حيص بيص” منذ ادعائه بالتحقيق في تعذيب المدون يوسف الجمري، وصولا إلى ما قاله “المسؤول الأمني” لوكالة رويترز بأخذ “تقرير” المنظمات الحقوقية على “محمل الجد”، وبدا الإرباك جليا في الهجوم الخليفي أمس على قناة “الجزيرة” القطرية بعد نشرها لتقرير المنظمات الحقوقية المشار إليه، رغم أن القناة تطرقت إلى ذات الموضوع الذي نشرته رويترز التي نقلت تصريح “المسؤول الأمني” الإيجابي حيال التقرير.
في المقابل، يقول ناشطون بأن الرميحي لم ينجح في “تمثيل صورة الحيادي والمستقل، بسبب تهديده الواضح بعدم نشر شهادات التعذيب الذي يجري داخل الجهاز الذي يعمل فيه”، كما أشاروا إلى “تحايله” في قضية الناشطة ابتسام الصائغ، وذلك بحسب ما كشف عن ذلك الخبر “الجاهز” الذي نشرته الوكالة الرسمية عن لقاء زوج الصائغ مع الرميحي، حيث جرى “التلاعب” في ملف تعذيب الصائغ واستهدافها من خلال نفي “تعرضها للاغتصاب” كما قال زوجها، في محاولة لإخفاء تعرضها للتعذيب الجسدي والنفسي و”التهديد” بالاغتصاب، وهو “سلوك خليفي معتاد في مثل هذه الحالات، ويؤكد الطابع التخديري للتصريحات والخطوات التي يدعي المسؤولون فيها بأنهم يعملون على حماية الحقوق ومحاسبة المتجاوزين”، كما قال ناشطون الذين يقولون إن ذلك يجري اليوم وفق “الترنيمة” الجديدة التي بدأ يرددها محمد الرميحي وعلى طريقة “حاميها حراميها”.