الدكتور إبراهيم العراديمقالات
بعد حرق سيارتها وتعذيبها.. ابتسامة “ابتسام” تنتصر وتقهر الظلام
البحرين اليوم – (خاص)
هو شرف كبير في شهر الله أن أبدأ سلسلة مقالاتي مع صحيفة بحجم وكالة أنباء (البحرين اليوم)؛ عن هذه السيدة المناضلة والتي عاشت همّ كلّ مظلوم، ومنذ بدء شرارة الحراك المطلبي، فكانت تشاطر آلام كلّ أسرة تعرَّض أفرادها للإنتهاك، لتكون، ولا تزال، صوت آلامهم ومعاناتهم وصبرهم. نعم؛ هي الحقوقية الإنسانة ابتسام الصائغ، حيث يعجز القلم عن وصف إنسانيتها الإستثنائية.
ابتسام.. حقوقية في الميدان، ومراسلة في الإعلام.
بدأت الأستاذة ابتسام الصائغ عملها الوطني في حراك ١٤ فبراير المطلبي، بوصفها ناشطة اجتماعية، وخارج نطاق الإعلام والصفة المؤسساتية. كانت تربط الليل بالنهار سهرا على تخفيف معاناة الأهالي والمصابين في مختلف مناطق الحراك في البحرين، دون كلل أو خوف أو ملل، حتى وجدت أن من أولويات المرحلة – بعد ارتفاع وتيرة اعتقال النشطاء الحقوقيين والسياسيين – أن تُوصل الصوت في الإعلام المرئي، فعملت على المزاوجة بين العمل الميداني والإعلامي، وهو القرار الذي ساهم بشكل كبير في إيصال صوت الضحايا وأهاليهم إلى مسامع وأنظار الرأي العام، وعلى نحو أزعج النظام الحاكم.
استدعاؤها قبل الأخير، وقبل حادثة حرق سيارتها؛ كان الإنذار النهائي!
وضعَ مجلسُ العائلة الحاكمة ابتسام على أولوية جدول استهدافاته القادمة، ليُنهي نشاطها الميداني والإعلامي، فقام بإستدعائها الأخير قبل مرحلة إنهاكها وتعذيبها الجسدي والمميت، وتأسيساً على قاعدة وزير خارجية العائلة الحاكمة وتهديده للأستاذ نبيل رجب: “مو كل مرة تسلم الجرة” .
تضامنها مع عوائل النشطاء في لندن أصاب الخليفيين في مقتل.
بعد ساعات من نشر أول صورة للصائغ مع عوائل النشطاء المقيمين في لندن؛ تمّ حرق سيارتها الجديدة في ظروف ليست بغامضة، لأن كلّ معالمها واضحة، فواجهت بعدها ابتسام مرحلة تنفيذ الوعيد بالتعذيب بالحديد داخل المكاتب المظلمة للنظام الحاكم، وخاصة بعد أن أوصلت صوت الضحايا في مجزرة الدراز الشهيرة الأخيرة.
تعذيب ابتسام الصائغ كان أشبه بتعذيب سمية من آل ياسر.
أشعر بغصة وأنا أكتب هذه السطور الأليمة عن تعذيب امرأة من أشرف وأطيب وأرقى النساء، وهي صائمة، وفي قصة يندى لها جبين الإسلام والإنسانية، حيث لم تفارق لكماتُ السجان وتحرشاته اللعينة جسدَ هذه المرأة المؤمنة، وفي مرحلةٍ داس فيها قدمُ هذا الحاكم كلَّ مبادئ الغيرة والإصلاح والشرف والحمية.
البحرين لم تنم فور سماع خبر تعذيب ابتسام.. وانهيار جسدها وأعصابها.
كانت ليلةً قاسية على كل بحراني وإنسانٍ محبٍّ لهذه الشخصية الحقوقية الإنسانة، ابتسام الصائغ. لكنها كعادتها؛ لا ترفع راية الإستسلام، فسرعان ما بدأ جسمها يتعافى من آلام وأورام الضرب المبرح، وسرعان ما هدأت نفسها المطمئنة لحبِّ وطنها وقضيتها، وعادت بابتسامتها المعهودة، والتي نشرت البسمة على قلوبنا جميعا، وفيها أكثر من رسالة ومعنى.
نعم انتصرت ابتسام، وفازت بمحبة وثقة كلّ جمهور الحراك في الداخل والخارج، وباتت ثقةَ كلِّ المنظمات، ومعها ستنتصر البحرين بإذن الله.
دمتِ لنا سالمة يا ابتسام، ونحن معك على العهد إن شاء الله..