بعد ثمان سنوات.. كيف أثر غياب قادة الثورة عن المشهد
البحرين اليوم – مقالات
بقلم: عباس محمد – كاتب من البحرين
اندفاع كبير، توجيهات عامة، تقدّم للصفوف، رسم لملامح الحراك، وضع خطوط حمراء، تحذيرات للسلطة .. كلها كانت بداية الانطلاقة في ثورة ١٤ فبراير على يد شباب الوطن مع توجيهات صريحة من الرموز القادة.
سارت الخطوات الثورية بشكل بطيء نوعاً ما، بسبب المزاحمة التي نشبت بين مختلف القوى، منها المزاحمة في تنظيم الفعاليات الميدانية أو اللقاءات الجماهيرية في ميدان الشهداء، وظهور المواقف المتضاربة والمتضادة.
انتهز الخليفيون الفرصة وانقضوا على التجمّع المركزي المُقام في العاصمة، إلا أن الخطة (ب) كانت حاضرة لدى المجاميع الشبابية الثورية، فبدأت الثورة تتوزع في ما يقارب ٦٠ منطقة بدل أن تكون محصورة في مناطق عددها أقل من أصابع يد واحدة.
أعطت السلطات الخليفية الذرائع للشعب في الاستمرار، وتضاعف الزخم لترتيب الصفوف، والعمل بسرية في ظل الملاحقات الأمنية، سعياً لبلوغ الأهداف الكبيرة، والتي ترقى لتغيير النظام والمقاومة في شتى المجالات، وبالآليات المكفولة بحسب قوانين الأمم المتحدة.
ما أخفق فيه الخليفيون هو إبعاد الرموز القادة عن المشهد الميداني والسياسي، وهو ما عقَّد فرصة الهروب من الواقع المرير الذي يعيشه الحكم، فلا يزال الهاجس الأمني يشكّل الهمّ الأكبر لديه، ولا تزال الثقة معدومة تماماً في المعارضة والموالاة، ولا زال الهدر المالي الضخم على الشعب المرتزق الجديد يستنزف الميزانية، ولا تزال رؤوس الأموال تفرّ لبلدان أخرى بسبب عدم الاستقرار الأمني والسياسي!
لو كان في الخليفيين رجلٌ رشيدٌ لجعل من الجلوس مع الرموز القادة، في بداية الثورة، خلاصاً لعائلته الغارقة، ولكان الثمن أقلّ بكثير، إلا أن الغرور قادهم لصنع معارضة لا تقبل ببقائهم في سدة الحكم، ولا تقبل بالتفاوض إلا على رحيلهم، وتعدّ العدّة ليوم لا تنفع فيه الحسرة ولا الندامة.