بعد اعتقال الشيخ حسين الراضي.. هل حان كسْرُ الصمت؟
البحرين اليوم – (خاص)
“وَالقَوْلِ بِالحَقِّ وَإنْ عَزَّ“.
كلمات من دعاء مكارم الأخلاق يطلب فيها الإمام زين العابدين عليه السلام؛ من الله سبحانه وتعالى التوفيقَ في قول الحق، وإنْ قلّ ناصروه، وكثر مناوئوه، وتبعته المخاطر والصعوبات.
إن أفضل الحقّ عندما يكون إظهاره عزيزاً ونادراً، بسبب المخاوف والمخاطر المحتملة من التعذيب والحرمان والاعتقال، وسائر الصنوف الأخرى التي يستخدمها الظالمون لإرهاب من يجرؤ على قول الحقّ وإعلانه في وجههم.
ولاشك أن التاريخ يتشرف، والأمم تفخر بأولئك العلماء الصالحين، الذين صدحوا بكلمة الحق بعد أن عزّت وغاب قائلها.
وأصدق من قال الحقّ بذروة عزّته في زماننا، هو آية الله الشيخ نمر النمر الذي ارتحل شهيداً، وتبعه آيه الله الشيخ حسين الراضي إلى طوامير السجون.
هذه الشجاعة والجرأة، والصوت الهادر في قول الحق، في أرضٍ يكون فيها ثمنُ كلمةِ الحقّ هو القتل والتصفية؛ يقابلها صمتٌ مطبق يوصف بـ “الحكمة” و”الحنكة”، وقيل أحيانا بأنها “تقية”! فهل ثمّة مبرّر لصمت كبار علماء الشيعة في البحرين تجاه أعظم ظلامة بحق المسلمين في اليمن؟! وهل هناك من سوّغ للصمت تجاه جريمة إعدام عالم الدين الشيخ النمر؟!
لقد ثمّن الإسلام أهمية الصدّح بالحقّ في كل المجالات، واعتبر أنّ من أعظم الجهاد هو إعلان الحقّ في مجابهة السلطان الجائر، وقد ورد في الحديث «أعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ».
ولخطورة التخلي عن هذا الواجب؛ وصف رسولُ الله (ص) الساكت عن الحق بالشيطان الأخرس، وأن السكوت رضا، والساكت شريكٌ في الظلم كما جاء عن رسول الله (ص)، وهكذا كان المنطلق لثورة الإمام الحسين (ع)، حيث كان الشعار: «مَنْ رأى منكُم سُلطاناً جائِراً مُستحلاً لحرم الله، ناكثاً بعَهدِه، مُخالِفاً لسنّةِ رسولِ الله، يَعملُ في عبادِه بالإثمِ والعدوانِ، فلم يغِرْ عليهِ بقولٍ ولا بفعلٍ، كان حَقّاً على الله أن يُدخِله مَدخلَه».
في المقابل، يرى البعض أن سكوت النخب العلمائية له “مبرّر” نظراً للوضع الأمني في البحرين، وبسبب التهديد الواضح الذين أعلنت عنه السلطات، سواء في موضوع العداون على اليمن، أو بشأن إعدام الشيخ النمر.
إن العلماء في “الإختبار الصعب، والتخلي عن الواجب”؛ هم بين التخلي عن هذا الواجب الذي يجعلهم شركاء في الظلم، وبين كلمة الحق التي تؤدي بقائلها إلى الوقوع في “المشكلات” والسجن.
أخشى أن يصبح المجتمع البحراني غير مبالٍ، ولا يعنيه قول الحق بحجة “أنْ لا أحد يسمع، وأن الحق لا يجلب إلا الضرر”!
وهنا نختم بقول الإمام علي (ع): “لا تكلّموني بما تكلَّم به الجبابرة، ولا تتحفّظوا منّي بما يتحفَّظ به عند أهل البادرة.. ولا تظنّوا بي استثقالاً في حقٍّ قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنّه من استثقل الحقّ أن يقال له، أو العدل أن يُعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفّوا عن مشورة بحقّ أو مقالة بعدل، فإنّي لست بفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلي، إلا أن يكفي اللّه من نفسي ما هو أملك به منّي”.