المنامة – البحرين اليوم
كان يُفترض أن تكون زيارة الفنانين الكويتيين داوود حسين وطارق العلي لقبر إحدى القريبات في بلدة باربار البحرانية؛ مجرد نشاط ديني، وعمل شخصي، لينتهي الحدث مع قراءة الفاتحة على قبر المرحومة، أم السّادة. ولكن الوهابية حينما تحلّ في مكان ما، فإن “الصراعات المذهبيّة” تبدأ بالاندلاع؛ كما تقول منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، كلمة لها اليوم الخميس، 17 مارس، في الحوار التفاعلي بمجلس حقوق الإنسان بجنيف (شاهد: هنا).
وهذا هو الحال مع صحافة آل خليفة.
في صحيفة “البلاد” – التابعة لأحد الخليفيين – خرج الغول الوهابي الساكن فيها في آخر صحفة من عددها الصادر اليوم الخميس، 17 مارس، ورأت في زيارة الفنانين لقبور بلدة باربار؛ ما يستدعي “وقفة احتجاج”!
سألت الصحيفة أمام الصورة سؤالاً “أمنياً” مباشراً: “هل زيارة قبور باربار ضمن فعاليات مهرجان الخليج؟”. الصحيفة وضعت كلمة “يزوران” بين قوسين، لكي تنزع عن الكلمة قداستها، في تمريرٍ ضمنيّ للمعنى الوهابي الذي يجد في زيارة القبور شركاً.
ما الذي أزعج الصحيفة بالضبط؟
العودة إلى الوراء يمكن أن تسمح بجمْع بعض المعطيات.
الكاتب في الصحيفة، طارق العامر، نشرَ في يوليو 2014، مقالاً أساء فيه لآخر أئمة الشيعة الإماميّة.
وبعد اضطرار الصحيفة لإقالته – شكلياً وبعد دفاع فاشل عنه – توافدت على منزل العامر وجوه التكفير لتكريمه، وأهدته “وسام” الشجاعة في إهانة عقيدة سكان أصليين في البلاد.
وبعد فترة، ظهر العامر في صحيفة “الوطن” (الأكثر جهرا في التكفير) ليبدأ الكتابة في عمود مغمور بذات القاموس “الوهابي” الشائع في صحافة آل سعود: “الصفويون، الولي السفيه، داعش الشيعية، مقاطعة إيران، حزب اللات”.. الخ..
إذن، ثمة بئر مسموم بالوهابية السعودية في صحافة آل خليفة. و”البلاد”، مثل “الوطن”، كما أن “الأيام” مثل “أخبار الخليج”. كلّهم ينبعون من البئر ذاتها.
المغردون تناولوا “مقاربة” الصحيفة الخليفية لزيارة الفنانيْن القبور، وتساءل بعضهم فيما إذا كانت المشكلة هي في “عقيدة الميتين” الذين زارهم الفنانان، فيما سخِر الصحافي هاني الفردان وقال بأنه لو ذهب الفنانان إلى ملهى لما واجها أيّ اعتراض أو “لمز”.
الكاتب والشاعر جعفر الجمري وجّه الكلمة مباشرة فيما شأن تعليق صحيفة “البلاد” على زيارة القبور، وقال الجمري بأنها “تربية الدواعش التي أثارت بروح عنصرية بغيضة قضية قراءة الفاتحة على قبر”.
هناك من لمّح، ساخراً، إلى أيادٍ إيرانيّة في زيارة الفنانين إلى مقبرة باربار، لاسيما وأن الفنانين زارا أحد بيوت البلدة، وتناولا الحلوى الإيرانية (الساكو).
في المقابل، وجد الموالون والتكفيريون “المختبئون” في البحرين، صورة المقبرة فرصةً لتحريك “الجنون” السعوديّ المتصاعد هذه الأيام ضد حزب الله. وحرّض هؤلاء على الفنان دواود حسين، مستذكرين مواقفه المؤيد لحزب الله وأمينه العام في حربه على إسرائيل.
تحريض سرعان ما تحوّل إلى ماكينة الشائعات “الممنهجة”، وتداولت أوساط “وسائل التواصل الاجتماعي” خبراً يقول بأن السلطات الخليفية اعتقلت ضيفيّ مهرجانها الفنيّ. وبين زيارة القبور، وتداول الخبر الأخير؛ سيكون على الجميع توقّع كلّ الحماقات.