من حكايات الضحايا…إنتقام خليفي بلاحدود من عائلة الشهيد فخراوي
حكايات الضحايا-البحرين اليوم:
استهداف النظام الحاكم في البحرين للعائلات البحرانية المعارضة له؛ نهجٌ سار عليه ومنذ عقود خلت. ويشتد هذا الإستهداف كلما كان ثقل العائلة الإقتصادي والإجتماعي كبيرا.
إحدى تلك العوائل التي استهدفها النظام وما يزال هي عائلة فخرواي، التي نشط فيها الأخوان المرحوم الحاج أحمد والشهيد عبدالكريم فخراوي.
كانا ناشطين اجتماعيين وسياسيين في العاصمة المنامة ومنذ الثمانينات، وتم استدعاء الشهيد فخراوي للتحقيق عدة مرات في التسعينات، فضلا عن استهداف أنشطته الإقتصادية.
استهداف العائلة بلغ ذروته بعد اندلاع شرارة ثورة 14 فبراير عام 2011، حيث تم اعتقال 7 من أفراد العائلة عند إعلان حالة الطوارئ في البلاد. كان من بينهم الناشر والمدون الشهيد عبدالكريم فخراوي، الذي تعرض لتعذيب شديد داخل المعتقل، ما أدى إلى استشهاده في شهر أبريل من ذلك العام.
اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق شخصت في تقريرها وقوع حالات من التعذيب كانت حالة الشهيد إحداها. وبعد تلك الجريمة عاودت السلطات مرة أخرى في العام 2014 مضايقة العائلة حيث تم إلقاء القبض على حسن ابو القاسم ابن أخ الشهيد، وصدر حكم عليه بالسجن لمدة عام ونصف وتم حجزه في المكان المخصص لفاقدي الجنسية.
عادت خفافيش الظلام الخليفية إلى مداهمة منزل والدة حسن في شهر سبتمبر من العام الماضي لأجل إلقاء القبض على شقيقه حسين.
السلطات اعتقلت الشقيقين أثناء اعتقالها لأخيهما غير الشقيق حسين. ووفقا لروايات شهود عيان؛ فإن محمد طلب من القوات أن تُبرز إذن النيابة العامة لدخول المنزل والتفتيش، وردا على ذلك أمر المسؤول عن المداهمة بالاعتداء على محمد داخل إحدى الغرف في منزل العائلة، واعتقاله مع كلّ الرجال الذين كانوا متواجدين في المنزل، وبينهم شقيقه علي، الذي لم يكن مطلوباً للسلطات.
تم نقل الأخوة إلى مبنى التحقيقات الجنائية السيء الصيت، واختفت أخبارهما عن عائلتهم وخاصة والدتهم لمدة ثلاثة أسابيع قبل أن يرنّ جرس الهاتف لسماع صوتهما وهما يطلبان إرسال ملابس.
محمد ترك وراءه خارج المعتقل زوجة وثلاثة أطفال، وأما أخوه التوأم علي فزوجة وطفل واحد. وأما والدتهم المؤمنة الصابرة فلسانها يلهج بشكر الله والرضا بقضائه وقدره.
رحلة تعذيب التوأمين محمد وعلي فخراوي بدأت من منزلهما وتحت مسمع من أفراد عائلتهما، ويمكن تصور التعذيب الذي تعرضا له سواء عند نقلهما الى مبنى التحقيقات أو داخله.
إذ تشير أخبار موثقة وردت من داخل المعتقل إلى تعرضهما لتعذيب شديد من ضرب وتحرش جنسي ومنع من شرب المياه ومن استخدام دورات المياه والحمامات لفترات طويلة، ورش بالمياه الباردة والتعرض لهواء المكيفات الشديد البرودة.
محمد فخراوي قضّى الأسابيع الأولى بعد اعتقاله في سجن انفرادي، وأما أخاه علي فوضعته السلطات مع الإرهابيين من اتباع تنظيم داعش.
السلطات لم توجه إلى الشقيقين أي تهمة رغم مرور أكثر من ثلاثة شهور على اعتقالهم، إلى أن تم زجّهما مؤخراً في الخلية المزعومة باسم “قروب البسطة”. ولم يتمكن المحاميان اللذان وكلتهما العائلة للدفاع عنهما -وهما كل من جاسم السرحان ومحسن العلوي – من الحصول على أي معلومات حول أسباب اعتقالهما أو التهم الموجهة لهما.
مقربون من العائلة يعتقدون بأن اعتقال الشقيقين أحرج السلطات التي لم توضح أسباب اعتقالهما، ويعتبرونه تعسفيا، خاصة وأنهما لم يكونا مستهدفين عند مداهمة منزل والدتهما، بل أخيهما غير الشقيق حسين.
ويبدو أن هذا الإحراج دفع السلطات إلى تلفيق تهمة للشقيقين أوائل هذا العام عندما اتهمتهما بالعلاقة مع ما عُرف باسم خلية البسطة. وهي تهمة تبدو مثيرة للسخرية إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار المدة التي قضاها الشقيقان في المعتقل، والتي فاقت الثلاثة شهور، ودون توجيه أي تهمة لهما.
حكاية التوأمين فخراوي وأخوتهم غير الأشقاء؛ تكشف عن مدى حقد العائلة الخليفية على الشهداء البحرانيين الأبرار الذي قضوا نحبهم تحت مباضع الجلادين في الطوامير الخليفية.
فالسلطات لا يروي غليلها سفكها لدماء الشهداء، بل إنها تواصل التنكيل بعوائلهم وبلا شفقة أو رحمة. وليس حالة والدة الأخوين فخراوي إلا خير دليل على عدوانية الخليفيين وظلمهم الذي انتزع أربعة أولاد منها، وغيبوهم داخل المعتقلات بلا جرم اقترفوه سوى صلة القرابة التي تربطهم بالشهيد عبدالكريم فخرواي.
حكاية هذه العائلة تكشف كذب حماة النظام الخليفي في ادعاءاتهم حول تحقيق النظام لتقدم على صعيد حماية حقوق الإنسان في البحرين. فأوضاع حقوق الإنسان في البلاد هي أسوأ مما كانت عليه قبل خمس سنوات، وأما منْ لا يرى ذلك أو يدعي عكسه؛ فلا شك أن صفقات الأسلحة والقواعد العسكرية قد أعمت بصره وبصيرته.