الناقلات تجهض الوساطات!
البحرين اليوم – مقالات
بقلم: ساهر عريبي – كاتب وإعلامي مقيم في لندن
لم تتوقف جهود الوساطة التي تبذلها أطراف مختلفة لنزع فتيل الأزمة المتفاقمة في المنطقة، منذ أن تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، عقب فرض الإدارة الأمريكية لعقوبات اقتصادية غير مسبوقة على إيران، منذ انسحاب الرئيس دونالد ترمب من الأتفاق النووي الذي أبرمته مجموعة ٥+١ مع إيران حول برنامجها النووي المثير للجدل.
وعادة ما يصاحب الإعلان عن أي وساطة أجواء من التفاؤل، أملا بابعاد شبح الحرب عن هذه المنطقة التي لم تهدأ يوما بعد ان تحولت إلى أكبر سوق لتجارة الأسلحة يسيل لها لعاب الشركات المصنعة للسلاح، التي تجد في ضعف أنظمة المنطقة فرصة تاريخية لإستنزاف موازنات دولها، بعد أن بات الإنفاق العسكري يحتل قسطا كبيرا منها وعلى حساب التنمية والتقدم العلمي والتكنولوجي.
لكن أجواء التفاؤل سرعان ما تتلاشى وتتحول إلى تشاؤم يعيد المنطقة مرة أخرى الى فوهة بركان قد ينفجر في أي أية لحظة، مع بدء كل وساطة. كانت أولى محاولات نزع فتيل الأزمة هي تلك التي قام بها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، الذي زار طهران في شهر يونيو الماضي والتقى خلال الزيارة بالرئيس الإيراني وبمرشد الثورة، لكن تلك الوساطة سرعان ما قتلت في مهدها بعد استهداف ناقلات للنفط في ميناء الفجيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وبالتزامن مع المحادثات التي كان يجريها آبي في طهران.
وبعد شهور من العودة إلى المربع الأول شهدت خلالها المنطقة تصعيدا غير مسبوق سواء عبر اسقاط طائرة مسيرة أمريكية أو احتجاز ناقلات أو استهداف منشآت نفطية بشكل لا مثيل له في تاريخ السعودية، وبعد كل ذلك تنفس محبوا السلام الصعداء بعد ان أعلن رئيس وزراء باكستان عمران خان عزمه زيارة طهران والرياض في محاولة لخفض منسوب التوتر في المنطقة.
لكن أجواءا من التشاؤم عادت لتخيم وتلقي بظلالها على الوساطة الباكستانية بعد ان أُستهدفت ناقلة نفط ايرانية في البحر الحمر، قبالة سواحل ميناء جدة السعودي. توقيت الإستهداف قبل أربع وعشرين ساعة من زيارة خان، يذكر بوساطة آبي الفاشلة! إذ استخدم ذات السلاح لإجهاضها ألا وهو سلاح استهداف الناقلات! فبعد ضرب الناقلة الإيرانية تغيرت لهجة الباكستان وتحول الوصف من مبادرة وساطة إلى زيارة استطلاعية!
وهكذا تجهض الناقلات مرة أخرى الوساطات، فمن يقف وراء حرب الناقلات، ومن يسعى لإجهاض كافة الوساطات؟ هل هي أياد داخلية عابثة، أم هي أيدي خارجية؟ أم إن قواعد الإشتباك بدأت تسري لتشمل حتى الوساطات وفقا لمبدأ العين بالعين؟