المشروع الحضاري الاسلامي ومخططات الاستكبار
مشروعان حضاريان يتصارعان على الأرض بعد أن كان الصراع على صفحات الكتب لسنين عديدة،المشروع الحضاري الإسلامي لنظام الحكم، والمشروع الحضاري العلماني للحكم.
لقد كان الصراع بين العلمانية والشيوعية لسنين عديدة، ولكن المشروع الشيوعي قد أنهار في السنوات الأخيرة وبرز المشروع الحضاري الإسلامي كبديل عن المشروع العلماني حين أقدم الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) على الثورة ضد نظام الشاه في إيران، وطرح شعار الجمهورية الاسلامية كبديل عن الجمهورية العلمانية.
وقد أحدثت هذه الثورة الإسلامية هزّة شديدة جداً في العالم كله .
فالصراع اليوم بعد انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) قد انتقل من صفحات الكتب إلى الواقع الخارجي مما مثّل تحدياً كبيراً للمشروع العلماني الذي تقوده الرأسمالية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
لذلك أقدمت قوى الاستكبار والهيمنة على العكوف على دراسة الحالة الإسلامية وتقسيم الإسلاميين إلى ثلاثة أقسام :
١- القسم الأول هو المشروع الإسلامي الثوري والذي يطرح الإسلام كمشروع بديل يراد منه أن يحكم في الارض، وأبرز قيادات هذا المشروع الكبير هو الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه)والسيد الشهيد محمد باقر الصدر (رضوان الله تعالى عليه).
٢-القسم الثاني مشروع الإسلام السياسي وهو عبارة عن وصول النخب الإسلامية السياسية والأحزاب الإسلامية السياسية إلى منصب الحكم دون أن يحملوا معهم مشروع الحكم الإسلامي، والنظام الإسلامي للحكم .
فالإسلاميون أحزاباً وجماعات يهمهم الوصول للحكم والسلطة ولكن ليس من مشروعهم أن يحكم الإسلام، بل قد يحكمون بالنظام العلماني نفسه الذي يحكم به من هو قبلهم. و يطرح هؤلاء أنفسهم بديلاً عن الأنظمة الديكتاتورية التي تحكم المنطقة بالنار والحديد. ومن أبرز هذه الأحزاب والجماعات جماعة الإخوان المسلمين في مصر وتونس وتركيا، وحزب الدعوة الإسلامي في العراق، وبعض الحركات المعارضة في منطقتنا.
لذلك نلاحظ أن الامريكان في لقاءاتهم مع الجماعات والأحزاب الإسلامية دائما ما يكررون أسئلتهم عن بعض القضايا الجزئية مثل الموقف من بيع الخمور، أو فرض الحجاب على المرأة، أو الوجود الأمريكي في المنطقة، وذلك من أجل الفرز والتمييز لهذا الحزب والحركة لأي قسم ينتمي.
لذلك من أبرز العلامات الفارقة بين المشروع الإسلامي الثوري والمشروع الاسلامي السياسي هو العلاقة مع قوى الاستكبار وعلى رأسهم الولايات المتحدة الامريكية.
عادة ما تعطي امريكا الضوء الاخضر للانظمة لتصفية اصحاب المشروع الاسلامي الثوري ، وتدفع في اتجاه اعطاء مساحة من الحركة للتيار السياسي الاسلامي.
٣- القسم الثالث اتجاه الاسلام الصوفي وهو الاسلام الذي يهتم بالرياضات الروحية بعيداً عن الاهتمام بالشأن السياسي والحكم ومشاكله .
العلمانيون يرون ان القسم الاول (مشروع الاسلام الثوري) يمثل خطراً على مشروعهم على الارض خصوصاً في منطقتنا التي يمكن ان يكون لهذا المشروع ارضية خصبة وتقبل شعبي جماهيري ، لذلك عمد دول الاستكبار على محاربة هذا المشروع في بدايات نشئته وحاولوا اجهاضه قبل ان يقوم على قدميه من خلال اشعال الحرب العراقية الايرانية ، والحصار الاقتصادي ،واقامة عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على المشروع الاسلامي الجديد.
ثانيا قام الغرب بطرح الاسلام السياسي بديلاً عن مشروع الاسلام الثوري ، وذلك لان ضرر المشروع السياسي على المشروع الاستكباري أقل بكثير جداً من ضرر المشروع الاسلامي الثوري ،لأن المشروع الثوري يلامس العمق واللب ،أما المشروع السياسي فهو يلامس القشر والظاهر فقط.
ويسعى الدول الاستكبارية الى افشال هذه المشاريع حتى وان تحالفت معها كما حصل في مصر والعراق .وذلك من خلال اشعال الحروب الطائفية في المنطقة ودعم الجماعات التكفيرية في المنطقة من أجل تأجيج الحس الطائفي.
ويبقى الخيار الصوفي هو الخيار الافضل والاسلم على المصالح الاستكبارية لانه لا يوجد لديه اي مشروع حكم من الاصل وفشل مشروع الاسلام السياسي سيدفع الناس لأن تكفر به وتتجه نحو المشروع الاسلامي الصوفي كخيار وبديل عن المشروع السياسي .
ويكون بذلك قد امتص الاحتقان الاسلامي الشعبي حيث ان الظاهر هو اعطاء الاسلاميين الفرصة للحكم ، وان الفشل هو بسبب فشل المشروع الاسلامي نفسه. وليس المعاداة الاستكبارية للمشروع الاسلامي.