البحرين اليوم – (خاص)
حسين كاظم
كاتب من البحرين
الشهداء في البحرين وخصوصا منذ 2011، لهم قصة متكاملة، بعضهم على بعض، كل واحد منهم جزء من كل القصة، والقصة هنا لا تكتمل إلا باستحضار محاولة ما تسمى “التسويات” أو “المبادرات” التي يراها بعض الساسة ضرورية، لكن ما أن يقترب ثلج الراحة إلى الأجواء السياسية، حتى يشعلها شهيد بنار غضب لا تهدأ، تذكروا كم مرة أراد بعض السياسيين تثليج الجو بالمصالحة، وكم من دماء شهيد قلبت طاولات الحوار الأولى.
لنعيد الشريط قليلا: منذ الشهيد علي مشيمع وحتى الشهيد علي الدمستاني، أي من 14 فبراير حتى 13 مارس 2011، كان الغضب ينزف أسرع من نزف دمائهم، وما حاوله البعض من ترطيب للجو بما يسمى “مبادئ ولي العهد السبعة”، قلبه الشهيد أحمد فرحان، كان رأسه شاهداً على الواقع، وكان هو شهيداً لما سيحمله رفاقه من بعده.
في العاشر من فبراير 2013 بدأ ما يسمى بالحوار الوطني الشامل بين المعارضة والسلطة الخليفية، في مكان فخم وهو منتجع العرين، بعد ثلاثة أيام فقط استشهدت أمينة سيد مهدي من بلدة أبوصيبع بسبب الغازات الكثيفة التي دخلت رئتها وفارقت الحياة اختناقاً، وفي اليوم الذي يليه، أي في 14 فبراير 2013، استشهد الطفل حسين الجزيري من بلدة الديه بسبب طلق كثيف من الرصاص الانشطاري (الشوزن)، وتلاهم أكثر من عشرين شهيداً بين مارس وديسمبر من العام نفسه.
وما بين 2013 و2017، استشهد عشرات المواطنين ليعبروا بالبلد من واقع متقلقل إلى واقع ثابت، وفي 2017 وحينما أعدم الشهيد عباس السميع، تأكد أكثر المشككين في خيار المفاصلة، أن لا صلاحية لنظام مجرم كهذا النظام.
أما شهادة رضا الغسرة ورفاقه في التاسع من فبراير من نفس العام (2017) فأظهرت ملامح ثورة داخل ثورة، ثورة شباب على واقع ثوري لا يرتأون أنه ناجع مع الخليفي، وقصتهم المعروفة جعلت من محاولات التسوية شيئاً من الخيال.
في 2018، وحينما سمعنا دوي صيحات بالمصالحة، ظنناها طلقاً جاداً نحو صدر الثورة المتعبة، وخفنا عليها، لكن بشهادة الأربعة المطاردين قبل أيام في عرض البحر، عرفنا أن عهد الشهداء باقٍ ومستمر في كشف “الفوتوشوب” السياسي، الذي يريد خداع أبصارنا بالمؤثرات و”المعسلات”، لكن بالتأكيد الدم أبقى من “صورة السياسي الفوتوشوب”.