البحرين اليوم – (خاص)
رسم الباحث البحراني الدكتور سعيد الشهابي خارطة “بداية النهاية“ لمجلس التعاون الخليجي على وقع الأزمة الجديدة التي “افتعلتها” السعودية ضد دولة قطر، ووضع مصير المجلس “الغامض” على الصفيح الساخن الذي تُنذر به الخلافات الحدودية بين مختلف دوله.
وأكد الشهابي في مقال نشره في صحيفة (القدس العربي) بتاريخ ١٩ يونيو ٢٠١٧م، بأن “العاصفة الحالية“ في الخليج تبدو “أخطر وأعمق وأوسع“ من الأزمات السابقة بين دوله، مشيرا إلى الاستقطاب الذي آلت إليه الأزمة الحالية وتشطير دول المجلس إلى فريقين، الأول يضم السعودية والإمارات والبحرين، والثاني قطر وعُمان والكويت.
ويقرأ الشهابي جانباً من هذا الانشطار من خلال التدخل العسكري لقوات درع الجزيرة في البحرين واجتياحها البلاد في عام ٢٠١١ لمواجهة الثورة الشعبية هناك، وهو تدخل التحقت به الإمارات بشكل مباشر عبر إرسال جنودها للمنامة، في حين امتنعت كلٌّ من الكويت والدوحة ومسقط عن الانخراط في هذا المسار العسكري للقوات التي كانت يُفترض أن تكون مخصّصة لردع التهديدات الخارجية لدول المجلس، وهو الدور الذي تنكّبت عنه، بما في ذلك حين تعرضت الكويت لغزو قوات صدام حسين عام ١٩٩٠م.
ويشير الشهابي إلى أن عدم مشاركة الدول الثلاث في التدخل العسكري بالبحرين؛ شكل موضوعا للانزعاج السعودي، إلا أن المقال يضع خارطة أعمق لـ“مشاعر القلق“ بين دول الخليج تجاه السعودية، وذلك بالإشارة إلى “الأزمات الحدودية“ التي تُظهر الكثير من “نوايا التوسع السعودية“.
ويتوقف المقال عند الصراع حول واحة البريمي الذي امتد عقودا، وقد وقعت الرياض وأبوظبي اتفاقية في العام ١٩٧٤ بجدة تخلت فيها الرياض عن المطالبة بالبريمي في مقابل تخلي أبوظبي عن خور العيديد الغني بالنفط والغاز، وهو يفصل بين أراضي أبوظبي وقطر، إلا أن الخلافات كادت تشتعل في العام ٢٠١٠ بعد أن أطلق زورقان إماراتيان النار على زورق سعودي في العيديد واحتجاز أفراد من الحرس السعودي، في الوقت الذي لا تزال الحدود البحرية بينهما غير متفق عليها حتى الآن.
كذلك فإن هناك خلافا حدوديا بين البلدين على حقل الشيبة، حيث تقول الإمارات أنها تملك ما يفوق ٨٠٪ منه، إلا أن السعودية سيطرت عليه تماما وتم افتتاح رسمي له في العام ١٩٩٩ بغياب الإمارات.
ولا يختلف الأمر كذلك بين السعودية والبحرين، حيث سيطر آل سعود على جزيرتي “البينة“ في الثمانينات، كما ترفض الرياض السماح لآل خليفة بإدارة حقل أبو سعفة النفطي الذي تسيطر عليه السعودية سيطرة كاملة.
كذلك، فإن الخلاف الحدودي بين السعودية والكويت يأخذ أكثر من اتجاه، وهو خلاف بدأ حول حقل الخفجي في العام ٢٠٠٩ عندما جددت السعودية عقدا مع شركة “شيفرون تكساكو“ لثلاثين عاما من غير التنسق مع الكويت، في حين قررت السعودية في ٢٠١٤ إغلاق حقل الخفجي البحري الذي تتقاسمه مع الكويت، لتستمر الأزمة قائمة حتى اليوم.
ويمتد التوسع السعودي إلى جهة العراق، حيث تسيطر الرياض على المنطقة المحايدة، وهو ما يثير اعتراضا داخل العراق اليوم، ويقول العراقيون بأن السعودية استحوذت على أغلب تلك المنطقة.
وإضافة إلى ذلك، فإن هناك خلافا حدوديا بين السعودية والأردن، حيث تلوح اعتراضات أردنية على اتفاقية ترسيم الحدود، وخاصة بعد اكتشافات نفطية لشركة أرامكو في المناطق التي تسيطر عليها السعودية.
إلا أن “أطول وأهم وأكثر النزاعات الحدودية” تتمثل في الحدود مع اليمن، ويرصد مقال الشهابي معاهدة الطائف التي تم توقيعها في ١٩٣٤ باعتبارها “المرحلة الحاسمة” لكونها جاءت “تحت وطأة الانهزام في الحرب، ما أفقدها الشرعية الدولية”، وسيطرت بموجبها السعودية على “حدود عسير ونجران وجازان الجنوبية”، وقد وقع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح اتفاقية مع السعودية في العام ٢٠٠٠م ، أكدت على التنازل الوارد في الاتفاقية السابقة، في حين تطالب اليمن اليوم باستعادة هذه الأراضي التي تضم احتياطات هائلة من النفط والغاز، وفي الوقت الذي يؤكد الشهابي بأن من بين أهداف العدوان المتواصل على اليمن منذ مارس ٢٠١٥م هو ضمان السعودية “الحصول على ممر يوصلها بالبحر الأحمر”.
وأمام هذه النيران الراكدة تحت أزمات الحدود، يتساءل الشهابي في ختام مقاله بالقول: “كيف تستقر منطقة الخليج ما دامت هذه الخلافات قائمة؟”