التشهير والإعدام لمحمد رضي الذي رفض الإنحناء لعائلة آل خليفة
حكايات الضحايا- البحرين اليوم
محمد رضي شاب بحراني ولد في العام ١٩٩٢ بسترة في كنف عائلة تضم ١١ أخوات و ٧ أخوة، حاله كحال أقرانه من الشباب الذين يتطلعون نحو مستقبل زاهر في أرض أجداهم، يحققوا فيه أحلامهم عبر مقاعد الدراسة وتحصيل العلوم. لكن تلك الطموحات أضحت بعيدة التحقق كلما امعن الخليفيون في قمع البحرانيين واضطهادهم والتنكيل بهم.
الشاب محمد كان واعيا للمخاطر التي تحدق بمستقبله ومستقبل شعبه مع بقاء العائلة الخليفية متربعة على سدة الحكم في البلاد، ولذا فقد لبّى نداء ثورة الرابع عاشر من فبراير التي انطلقت بهدف الخلاص من الظلم والطغيان الخليفي.
كان له حضورا مشهودا في دوار اللؤلؤة وخاصة في يوم الخميس الدامي الذي تعطر فيه الدوار بعبق الشهادة عندما هاجمت قوات الغدر الخليفية المعتصمين في عتمة الليل مزهقة ارواح عدد منهم.
النظام الذي كان على وشك الإنكسار امام أصوات البحرانيين الهادرة التي دوت في طرقات البحرين وساحاتها، استعان بجيش البغي السعودي لسحق الثورة التي انفجرت كالبركان بوجهه، إذ اعقب ذلك الإحتلال حملة همجية من الإعتقالات طالت كل من طالب باستعادة حقوقه المسلوبة ومنهم الشاب محمد رضي الذي اقتحمت قوات المرتزقة منزله في شهر مايو من العام ٢٠١١. ظل منذ ذلك اليوم مطاردا يتنقل من منزل الى آخر، ولايزور عائلته الا نادرا.
غير أن المطاردة لم تمنعه من مواصلة نضاله عبر المشاركة في المسيرات الإحتجاجية وحضور المآتم، وكلما ازداد نشاطه كلما زادت قوات آل خليفة من وتيرة مطاردته واقتحامها لمنزل عائلته والى الحد الذي وصلت فيه عمليات المداهمة الى مرتين في اليوم.
ارتبط محمد رضي بعلاقة وثيقة مع الشهيد محمود العرادي وكانا يقضيان اوقاتا مباركة في طاعة الله بشهر رمضان المبارك وحتى استشهاد العرادي الذي تعرف من خلاله على الشهيد علي فيصل عكراوي فيصل الذي قضى نحبه في حادث غامض وجّهت إتهامات للسلطات بالضلوع به بعد ان كانت تطارده.
صُدم رضي لدى سماعه خبر استشهاد العرادي ومن بعده فيصل غير أن تلك الشهادة جعلته اكثر عزيمة واصرارا على الثورة. كان وفيا للشهداء الذين حرص على زيارة قبورهم برغم مطاردة الخليفيين له، معاهدا اياهم على السير على دربهم وحتى الثأر من عائلة آل خليفة المجرمة.
حتى حانت ساعة اعتقاله في شهر اغسطس من العام ٢٠١٥ عندما حاصرت قوة من المرتزقة المنزل الذي كان لائذا فيه، معتقلة اياه مع صاحب المنزل الذي أصدرت عليه السلطات لاحقا حكما بالسجن لمدة عشر سنوات مع غرامة بتهمة ايواء أحرار مطاردين! وبعد ايام هاجمت قوات المرتزقة منزل عائلته في ساعة متأخرة من الليل قبل أن تقلب المنزل رأسا على عقب وتصادر سيارته.
نقل الى قسم التحقيقات ولم تتمكن عائلته من رؤيته الا بعد مرور شهر على اعتقاله. كان في وضع يرثى له، ومظهره يشي بحجم التعذيب الذي لاقاه في معتقلات آل خليفة. كانت آثار التعذيب بادية على يده التي ظهرت عليها آثار الحروق, فيما كانت شفته منتفخة ويتكلم بصعوبه، لم يرد أن يخبر اهله عما لاقاه من تعذيب لإن حاله كان كافيا لوصف ذلك.
إلا ان كل تلك الأساليب الهمجية لم تنل من صبره وصموده ومعنوياته العالية برغم قائمة الإتهامات الجاهزة التي اعتاد الخليفيون توجيهها لكل ناشط يطالب بحقوقه المشروعه، إذ ضمت القائمة ١٢ تهمة من بينها التجمهر والمواجهات حتى وصلت مجموع الأحكام الصادرة بحقه الى ٧٠ عاما.
محاكم النظام التي تفتقر الى الحد الأدنى من المصداقية أصدرت حكمًا بإعدامه وإسقاط جنسيته ظلمًا وجورًا، على خلفية اعترافات انتزعت منه تحت وطأة التعذيب الجسدي والنفسي وبعد ان شهّر به تلفزيون البحرين الرسمي عبر نشر اعترافات كاذبة حول دوره المزعوم في تفجير سترة. الإعترافات التي نشرها التلفزيون الرسمي جاءت بعد طول تعذيب ومعاناة متواصلة لعدة أيام من قبيل الحرمان من النوم والمنع من الذهاب الى المرافق الصحية وحتى حلول ساعة التسجيل التلفزيوني حيث سمح له بالإستحمام وارتداء ملابس نظيفة والبدء بتسجيا الإعترافات التي كان يعاد تسجيلها في كل مرة ينطق بها بكلمة لا تعجب المحققين.
يعاني اليوم حاله كحال باقي المعتقلين من المضايقات وسوء المعاملة في سجن جو، بعد ان زادت السلطات من وحشيتها في التعامل مع السجناء منذ عملية الهروب البطولية التي نفذها الشهيد رضا الغسره ورفاقه مطلع هذا العام. إذ يتعرض اليوم الى الضرب والإهانة وحلاقة الرأس والمنع من الخروج من الزنزانة الا لساعة واحدة يوميا.
وبرغم كل ذلك تلقى الحكم بالإعدام وهو صابر محتسب عند الله راض بقضائه وقدره. واما عائلته فتضايقت لدى سماعها بقرار اعدامه وخاصة والدته التي مانفكت تردد عبارة أن “ابنها بريء” غير انها راضية بقضاء الله موكلة امرها اليه لينتقم من الظالمين.
عائلته تناشد المجتمع الدولي وخاصة منظمات حقوق الإنسان والدول الحليفة للنظام الخليفي الضغط عليه لإلغاء حكم إعدامه والإفراج عنه واسقاط كافة الإتهامات عنها، وبغير ذلك فهي تحمل الجميع وبمن فيه النظام الخليفي مسؤولية اي مكروه يصيبه.