البحرين 2024: عام آخر من الأزمات المتفاقمة والانتهاكات المستمرة!
البحرين اليوم – المنامة
شهدت البحرين خلال عام 2024 استمرارًا في حالة الجمود السياسي، وتصاعدًا في انتهاكات حقوق الإنسان، ما جعل العام محطة أخرى تُضاف إلى سجل السنوات العجاف التي تعيشها البلاد منذ اندلاع الأزمة السياسية في 2011. في ظل هذا الواقع، بدا أن النظام الطاغية يُمعن في الهروب من استحقاقات الحل السياسي عبر تعزيز القمع وكتم الأصوات المعارضة.
شهداء السجون: وجع مستمر
بدأ عام 2024 بوفاة الشهيد حسين الرمرام في 25 مارس، واختتم بوفاة الشهيد حسين أمان في 6 ديسمبر. كلاهما سقط ضحية للإهمال الطبي والتعذيب في سجن جو، سيء الصيت الذي بات رمزًا للانتهاكات الممنهجة في البحرين. تحوّل السجن إلى واجهة للمعاناة الإنسانية، حيث يتم التعامل مع السجناء كمجرد أضرار جانبية للأزمة السياسية المستمرة.
تصاعدت الانتهاكات في هذا السجن سيء السمعة، مما أدى إلى اندلاع انتفاضة تاريخية عقب استشهاد المعتقل حسين الرمرام، الذي أصبح رمزًا للمظلومية داخل السجون الخليفية.
وتحوّل سجن جو إلى رمز للمعاناة الإنسانية في البحرين، حيث يعاني السجناء داخله من ظروف احتجاز قاسية تشمل الإهمال الطبي المتعمد، حيث يحرم المرضى من الخدمات الصحية الأساسية، مما يؤدي إلى تفاقم الأمراض أو حتى الوفاة. كما يتعرض المعتقلون للتعذيب الممنهج بطرق تشمل الضرب، الحرمان من النوم، والعزل الانفرادي. إلى جانب ذلك، يعاني السجن من الاكتظاظ وسوء التغذية، ما يجعل الظروف الصحية والمعيشية شديدة السوء.
في 25 مارس 2024، استشهد المعتقل حسين الرمرام نتيجة الإهمال الطبي والتعذيب الذي تعرض له داخل سجن جو. شكل هذا الحدث صدمة كبيرة داخل وخارج السجون، وأشعل شرارة احتجاجات واسعة في صفوف المعتقلين. كما اندلعت انتفاضة تاريخية إثر استشهاد الرمرام، حيث بدأ السجناء سلسلة من الإضرابات المفتوحة عن الطعام للمطالبة بتحسين أوضاعهم وإنهاء التعذيب. كما تصاعدت التوترات داخل السجن، ووقعت اشتباكات بين السجناء والحراس، مما أجبر السلطات الطاغية إلى الإفراج عن عدد كبير من المعتقلين السياسيين في محاولة لاحتواء الغضب الشعبي.
رغم ذلك، لم يكن استشهاد حسين الرمرام الحادثة الوحيدة في عام 2024. ففي 6 ديسمبر، استشهد المعتقل حسين أمان في ظروف مشابهة، مما أشعل الغضب مجددًا داخل السجون وخارجها. تصاعدت الاحتجاجات مرة أخرى، وسط تقارير عن تزايد القمع خاصة في مبنى 7، المعروف بأساليب التعامل الوحشية مع السجناء. وفي ظل هذه الظروف، برزت جهود الوساطة التي قادها الأستاذ عبد الوهاب حسين، الذي حاول التخفيف من التوتر داخل السجون، ولكن استمرار الانتهاكات كشف عن عجز السلطة عن تقديم حلول جذرية لأزمة السجون.
الأزمة السياسية: حلقة مفرغة
مع مرور 14 عامًا على أزمة 2011، بدت الأزمة السياسية في البحرين أعمق وأكثر تعقيدًا. يعود جذور الأزمة إلى خلل دستوري متجذّر، وتحويل المجلس الوطني إلى أداة لتزيين الاستبداد بدلًا من أن يكون منبرًا للديمقراطية. أزمات التجنيس، التمييز الطائفي، الإسكان، البطالة، والاضطهاد الديني استمرت في إشعال الغضب الشعبي دون أي حلول جادة.
السلطة ولغة الحديد والنار
وامتدت الانتهاكات إلى خارج السجون أيضًا، حيث شنت السلطات المتصهينة حملات اعتقال واسعة استهدفت المشاركين في المسيرات المؤيدة لفلسطين والتجمعات المؤبنة لسماحة الشهيد الأقدس، الذي فجعت البحرين، كباقي أحرار العالم، برحيله. كما استمرت الأجهزة الأمنية المرتزقة في التضييق على الحريات العامة، بما في ذلك الحريات الدينية، حيث تم استهداف صلاة الجمعة ومنعها في الدراز والعديد من المناطق، ما عكس نهجًا ثابتًا في استهداف مكونات الشعب البحراني.
واقع حقوق الإنسان: صورة قاتمة
تصدرت البحرين مجددًا التقارير الحقوقية كواحدة من الدول التي تشهد تراجعًا في أوضاع حقوق الإنسان. عمليات الاعتقال التعسفي، المحاكمات الجائرة، وسحب الجنسية لا تزال أدوات أساسية بيد النظام المستبد لإسكات أي معارضة. في الوقت نفسه، يُواجه النشطاء والصحفيون المستقلون مزيدًا من التهديدات، ما يُعزز البيئة القمعية التي تخيم على البلاد.
الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية: تحديات مستمرة
على الصعيد الاقتصادي، استمرت التحديات المتعلقة بالبطالة وارتفاع تكاليف المعيشة. لم تُسفر السياسات الاقتصادية عن تحسين الأوضاع، بل زادت من الهوة بين الطبقات الاجتماعية. في الوقت نفسه، تفاقمت أزمة الإسكان، حيث بات الحصول على مسكن لائق حلمًا بعيد المنال بالنسبة للعديد من المواطنين.
2024: بداية مؤلمة ونهاية دامية
انتهى عام 2024 كما بدأ: بمآسٍ وضحايا. كانت الخسائر البشرية والمعاناة الشعبية هي العنوان الأبرز لهذا العام، وسط استمرار النظام في نهجه القمعي دون اكتراث لمعاناة الشعب.