البحرين مقبرة المواهب….محسن المرزوق نموذجا
من المنامة-البحرين اليوم:
محسن إبراهيم المرزوق ابن الدراز تمكن وهو في سن مبكرة من تمثيل بلاده على المستوى الدولي, بعد ان أبدعت قدماه فوق المستطيل الأخضر. فشق طريقه وبجدارة نحو منتخب البحرين للناشئين الذي مثله لمدة ثلاثة أعوام,وكان لاعبا في نادي الإتفاق. نشأ بعيدا عن السياسة وهموها وكان همه الاكبر كرة القدم التي عشقها, ودراسته التي شغف بها حبا. غير ا ن احلامه تبخرت وذهبت ادراج الرياح عندما وجد نفسه حبيس جدران المعتقل في العام 2010 , أثناء فترة ماعرف ب”القبضة الأمنية”.
أودع في مركز شرطة مدينة حمد حيث تناوبت الوحوش البشرية على تعذيب هذا الفتى المبدع بدلا من تكريمه. عذبه الجلاد سلطان الغتم والمدعو طاهر العلوي, واختفت اخباره لمدة 4 ايام لم يعرف خلالها مصيره. أمه التي ربته مذ فقد أباه وهو طفل لم يتجاوز عمره السنة, أحاطت بها الهموم من كل صوب وقد غاب صغيرها عن نظرها , فيما ساد الحزن أوساط العائلة المؤلفة من خمسة اولاد واربعة بنات.
وبعد ذلك أصدرت عليه محكمة خليفية برئاسة القاضي إبراهيم الزايد وعضوية القاضيين علي الكعبي وعلي الظهراني حكما بالسجن لمدة ثلاثة أعوام, في 3 اكتوبر 2010 ,بتهمة حرق مدرسة الدراز الإعدادية للبنين. تهم تسوقها السلطات جزافا ضد البحرانيين في محاولة منها لتهميشهم واقصائهم من مناحي الحياة المختلفة.
حتى بلغ السيل الزبى قاندلعت شرارة ثورة الرابع عشر من فبراير بعد عدة شهور من اعتقاله. كان قلبه مع الثوار وهو داخل المعتقل وكيف لايكون كذلك وهو الذي ذاق مرارة الظلم الخليفي الذي حطم آمال هذا الفتى, ولذا فقد عقد العزم وهو في سجنه على رصد وتوثيق ذلك الظلم خال خروجه من السجن. وهو ماحصل اذ افرجت عنه السلطات بعد قضائه لأكثر من عام ونصف في المعتقل.
غير أنها اعادته لدائرة الإستهداف من جديد, حيث بدأت رحلة مطاردته التي دامت ثلاث سنوات قبل ان يقع في قبضة جلاوزة حمد. فقد لفقت له السلطات عدة تهم ومنها المشاركة في فعالية قبضة الثائرين ، تفجير الدراز، تفجير السيف، تفجير القضيبية ، حركة شباب الدراز، استيراد أسلحة والعديد من القضايا الاخرى. ساقت السلطات تلك الإتهامات له بسبب مرابطته في الساحات ومشاركته في الإحتجاجات المطالبة بالعدالة والمساواة, خاصة وقد ذاق هو مرارة الظلم بنفسه وتجرع كأس الذل والهوان في طوامير الخليفيين.
وكم كان حزنه كبيرا عند استشهاد صديقه فاضل ميرزا العبيدي الذي أصابته رصاصة خليفية غادرة في رأسه فأردته الى الأرض في العام 2012. ذلك الإستشهاد شحذ عزمه على مقارعة الظلم والطغيان, فيما ظل الخليفيون يطاردنوه ويتربصون به ولسنوات عدة, تنقل خلالها بين مختلف البلدات تاركة الدراز بلدته بحثا عن مأوى. النظام عقد العزم على اعتقاله اوا غتياله, نصبوا له عشرات الكمائن الا انه نجح في الإفلات من منهم, حاصروا منزله ومنازل أقاربه عشرات المرات ولكن بلاطائل.
والدته التي كان سلوتها , ظلت وحيدة تصارعها الهموم والأفكار حول مصيره, وكيف لا وفلذة كبدها مطارد لامأوى ياويه ولا سكن يلجأ اليه ولا حضن حنين كحضن والدته يضمه. العصابة الخليفية عقدت العزم على قتله, فارسلت مرتزقتها من سقط المتاع ممن باعوا ضميرهم وانسانيتهم مقابل حفنة من الدنانير, ارسلتهم لإغتياله في يوم عيد الفطر, حيث اطلقوا عليه النار من سيارتهم فأصابوه إصابة طفيفة في صدره.
ظل محسن عصيا عليهم وحتى2 يناير من العام الماضي 2014. فقد تمكنت جلاوزة النظام المدججة بالسلاح من اختطافه مع مجموعة من أصحابه عبر كمين مخابراتي غادر في بناية سكنية كان يتخذ منها مأوى له. لم يكن محسن متواجدا في الشقة حينها الا انه وحال وصوله للمكان داهمت الميليشيات المدججة بالسلاح الشقة ولم تنجح محاولات الهرب عبر النوافذ , إذ كانت المرتزقة متواجدة عند جميع الأبواب والنوافذ وهي تحمل سلاح الشوزن والأسلحة ذات الرصاص الحي.
تم اعتقال جميع المتواجدين وبضمنهم محسن وتمت مصادرة الحواسيب المحمولة وعدد من كامرات الفيديو فيما انهال الجلاوزة بالضرب على المختطفين وبدأت رحلة تعذيبهم منذ ذلك الحين . فقد تم نقلهم الى مبنى التحقيقات الجنائية التي ظل فيها محسن 15 يوما انقطعت خلالها أخباره , حيث تعرض خلالها الى اشد انواع الانتهاكات التي تمثلت في التعذيب الجسدي والنفسي من التعليق والصعق الكهربائي ناهيك عن الوقوف لساعات طويلة والحرمان من النوم ,والضرب على مفاصل العضام وفقرات الظهر بالأدوات التي تسبب تفتيت العظام ,الى جانب سب العلماء والرموز وشتم المذهب الشيعي ورموزه.
أصدرت محاكم آل خليفة القراقوشية أحكاما عليه بالسجن بلغ مجموعها 34 عاما, الا انه وبرغم صدور الأحكام لم ينجوا من التعذيب في السجن ولحد اليوم. فمع اندلاع الإضطرابات في سجن جو يوم 10 من شهر مارس الماضي انقض حراس السجن على محسن مشبعين اياه ضربا وتعذيبا. انها البحرين التي لم تستحق منامتها وعن جدارة لقب عاصمة التعذيب, بل إن آل خليفة حوّلوها الى مقبرة للمواهب وللإبداع , فلا مكان على أرضها يستنشق فيه الموهوبون نسيم الحرية, فمصير الرياضيين والشعراء والاطباء والعلماء والكتاب والصحفيون في غياهب السجون, وبانتظار يوم يدفع فيه الظالمون ثمن أفعالهم وليس ذلك على الله ببعيد.