البحرين تعرض سيادتها للبيع لمواجهة أزمتها المالية
من المنامه-البحرين اليوم
تمر البحرين بأزمة مالية خطيرة وضعت البلاد على حافة الإفلاس , وتبدو أهم معالم تلك الأزمة نمو الدين العام الذي قفز بنسبة1381 ٪ خلال عقد من الزمن ليصل الى نحو 24 مليار دولار , فيما وصل العجز في الموازنة لعامي 2017 و2018 الى حوالي 6 مليار دولار, وانخفضت إحتياطات احتياطي البلاد من العملة الأجنبية الى1.7 مليار دولار في العام الماضي لتصل نسبة الإنخفاض إلى 71٪ من ذروة بلغها في شهر نوفمبر من العام 2014.
وبرغم هذا الوضع المزري رفعت البحرين سقف الإقتراض ليصل 100٪ من إجمالي الناتج المحلي , مما أثار قلق مؤسسات إقتصادية من ان تتخلف البحرين عن سداد ديونها وتعلن إفلاسها خلال هذا العام وقد نشر موقع بلومبرج الإقتصادي قائمة بالدول المحتمل أن تعلن إفلاسها ومن بينها البحرين.
وفي ظل هذه الأوضاع الإقتصادية الخطيرة فإن السلطات إتخذت عدة إجراءات وصفت ب“الترقيعية“ لمعالجة الأزمة مثل رفع الدعم عن المحروقات وإعلان إجراءات تقشفية تثقل كاهل المواطن , بما يشبه فرض عقوبات جماعية على الشعب الذي يدفع ثمن السياسات الإقتصادية الفاشلة للحكومة, وعدم معالجتها للأسباب الحقيقية للأزمة وأهمها الفساد المالي والإداري المستشري في صفوف العائلة الخليفية الحاكمة في البلاد التي تهيمن على مقدرات البحرين الإقتصادية, و النفقات الأمنية والعسكرية الضخمه , و عمليات التجنيس السياسي التي تستنزف الموازنة.
غير أن السلطات وبدلا من أن تعالج تلك الأسباب فإنها سلكت طريق الإستجداء من الخارج لحل الأزمة بالرغم من مخاطر هذا الطريق على سيادة البلاد واستقلالها. فقد تقدّمت السلطات أواخر العام الماضي بطلب الى كل من السعودية والإمارات للحصول على مساعدات مالية.
لكن المفاجأة كانت في رد الدولتين على الطلب, فقد كشفت مصادر مطّلعة عن أن الدولتين طالبتا المنامة بالسيطرة على مصادر الدولة المالية وإجراء إصلاحات كبيرة لاستعادة الاستدامة والتنمية. ويشكل عنصر المفاجأة في هذا الرد الذي شكّل صدمة لعائلة آل خليفة , هو في ان سلطات البحرين خضعت في سياستها الخارجية الى إرادة الإمارات والسعودية وفي مختلف الملفّات.
ويأتي في مقدمة تلك الملفات الحرب العدوانية على اليمن والمتواصلة منذ قرابة الثلاث سنوات,حيث ساهمت حكومة البحرين بتأييد العدوان على اليمن، وأرسلت قوات عسكرية مجهزة بعربات مقاتلة ومدرعات وأسلحة ثقيلة إلى الحدود السعودية اليمنية. فالبحرين وبالرغم من المصاعب الإقتصادية والسياسية التي تواجهها في الداخل , لم تتجرّا على اتخاذ موقف محايد في هذه الحرب وكما فعلت كل من قطر والكويت وعمان, بل القت بكامل ثقلها خلف السعودية والإمارات اللتان أرسلا قوات عسكرية للمنامة لقمع الحراك الشعبي الذي اندلع في البلاد عام 2011.
واما الملف الشائك الآخر الذي انخرطت فيه البحرين فهو مشاركتها الى جانب كلٍ من الرياض وأبوظبي، في الحصارالبري والجوي والبحري على قطر، منذ اندلاع الأزمة الخليجية وقطع العلاقات معها في يونيو الماضي، وهو ما أثر على اقتصادات تلك الدول بأجمعها بعد وقف التجارة مع قطر. لكن البحرين تظل المتضرر الأكبر بين دول الخليج من الأزمة القطرية , لأن الدول الثلاث قادرة على إمتصاص آثار الأزمة نظرا لإستثمارات تلك الدول الضخمة في الخارج والتي تزيد عن ترليوني دولار , والتي تمكن تلك الدول من المحافظة على قيمة عملتها ومواجهة تداعيات الأزمة.
وأما بالنسبة للبحرين فقد اضافت الأزمة مع قطر عبءا كبيرا على اقتصاد البحرين المتهالك, وكان بإمكانها استثمار هذه الأزمة لتعزيز علاقاتها الإقتصادية مع قطر بدلا من التورط في الحصار على قطر الذي لم يقدم للبحرين اي فائدة, بل على العكس من ذلك فإن السعودية والإمارات لم تمدا يديهما للمنامه ,لإنقاذها من المشاكل الإقتصادية التي تحدق بها.
وفي ظل هذه الدوّامة فقد حذرت صندوق النقد الدولي من احتمال مواجهة المنامه مصاعب في المحافظة على سعر صرف الدينار مقابل الدولار , الذي قد يؤدي إنهياره الى نتائج كارثية على البلاد. وهكذا يبدو أن السلطات الحاكمة في البحرين تواجه فشلا ذريعا في سياساتها الداخلية والخارجية التي وضعت البلاد على حافة الإنهيار التي قد تنتهي بإعلان آل خليفة بيع سيادة البلاد عبر الإنضمام الى إتحاد مذل مع السعودية كآخر ورقة تلعب بها السلطات للتخلص من الأزمة السياسية والإقتصادية.