البحرين تدخل نفق التطبيع المظلم
البحرين اليوم – مقالات
أدخلت العائلة الخليفية الحاكمة البحرين في نفق مظلم يهدد حاضر البلاد ومستقبلها منذ أن أبرمت اتفاق التطبيع مع ”إسرائيل“ في 15 سبتمبر الماضي برعاية من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أطلق عليه اسم اتفاق إبراهام، في ضحك على ذقون الحاكم العرب عبر الإيحاء لهم بأنهم أبناء عمومة مع الصهاينة.
هرول الخليفيون نحو التطبيع غير مكترثين لتداعياته الأمنية والسياسية والاقتصادية على البلاد المثقلة بالهموم. فما يهم آل خليفة هو كرسي حكمهم، أما البحرين فبالنسبة لهم غنيمة استولى عليها جدهم أحمد الذي يطلقون عليه لقب الفاتح لأنه احتل أرضا يدين أهلها بالإسلام!
ولذا فإن هذه العائلة المنبوذة داخل البحرين وبعد أن أيقنت بأنها قطعت كافة حبال الود مع الشعب البحراني، تلعب اليوم بآخر ورقة تظن أنها ستحفظ لها ملكها المهترئ. فقد فشلت فشلا ذريعا بالرغم من بطشها واستعانتها بقوات أجنبية في إركاع الشعب الذي قرر المفاصلة معها ونبذها.
الورقة الصهيونية هي آخر ما في جعبتها! وقد بان هدف التطبيع وهو تعزيز امن العائلة الخليفية، عندما زار البحرين رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين، بعد مرور بضعة أيام على توقيع اتفاقية التطبيع في واشنطن. فالزيارة فسرت على انها تدشين لعهد جديد من التعاون الأمني والمخابراتي مع الكيان الصهيوني وليس لها علاقة بحقوق الفلسطينيين أو السلام المزعوم.
أول تداعيات هذا التعاون، هو ان أرض البحرين ستكون مستباحة أمام جهاز الموساد الذي سيصول ويجول فيها، تحت ذريعة مكافحة الأنشطة الإيرانية في المنطقة. إذ من المتوقع أن تتحول البحرين إلى مقر أساسي لجهاز الموساد في منطقة الخليج. كما انه ليس من المستبعد أن تسمح العائلة الخليفية بفتح قاعدة عسكرية للكيان الصهيوني في البحرين او على الأقل قدوم قوات بحرية إسرائيلية.
وما يهم الكيان الصهيوني اليوم هو التمدد داخل الدول العربية، فما عجزت عن الحصول عليه عبر الحروب مع الدول العربية ستحصل اليوم عليه عبر اتفاقيات التطبيع التي ستمكن “إسرائيل” المتفوقة على الدول العربية تقنيا وعسكريا من التمدد بشكل لا يختلف عن الاحتلال. وستصبح هذه الأنظمة الضعيفة تحت رحمة “إسرائيل” التي ستصول وتجول وستكون لديها اليد الطولى حتى في تعيين حكام هذه البلدان.
هذا التمدد سيكون مصحوبا بغزو ثقافي وغسيل للأدمغة، وهو أخطر تداعيات التطبيع. فإسرائيل ستتحول إلى صديق وليس عدو، وهي صديق متطور تكنولوجيا ومتفوق على العرب، الأمر الذي يكرس حالة الشعور بالنقص المتجذرة في نفوس المهزومين الذي رفعوا راية الاستسلام، وهي حالة تسمح بتقبل الوجود الصهيوني بنفس الصورة التي رقص فيها وفد من حركة حباد المتطرفة عند باب البحرين على انغام أغنية تدعو لهدم المسجد الأقصى.
وليس مستبعدا ان يتم حجب آيات قرآنية ونصوص دينية تتعرض لبني إسرائيل ! وسيكون وعاظ السلاطين على أهبة الإستعداد لإصدار فتاوى بهذا الشأن مستشهدين باتفاقيات الصلح التي أبرمها الرسول الأكرم مع يهود المدينة. فيما سيتم العمل على محو فلسطين ومأساة الشعب الفلسطيني من ذاكرة الأجيال.
اقتصاديا فقد أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن اتفاقيات التطبيع مع الإمارات والبحرين ستدر المليارات على إسرائيل. وهذا يعني بأن الدول المطبعة لن تستفيد اقتصاديا. فمن الواضح أن هذه الدول وخاصة البحرين سوف تزيد من انفاقها الأمني عبر شراء الأسلحة وبرامج التجسس الإسرائيلية، والإستعانة بالخبرات الإسرائيلية في ترسيخ الاحتلال، خاصة وأن القاسم المشترك بين الخليفيين والصهاينة أن كليهما محتلين.
ولذا فإن العوائد الاقتصادية من التطبيغ سيدفع ثمنها شعب البحرين، الذي يمر بأزمة اقتصادية ستتفاقم مع وضع قطار التطبيع على السكة. كما وأن القمع سيزداد وستشهد السجون مزيدا من المعتقلين مع تشديد القبضة الأمنية عبر الإستعانة بالخبرات الإسرائيلية.
وبالمختصر المفيد فإن التطبيع الخليفي مع الصهاينة سوف يدمر حاضر البحرين ومستقبلها، وهو خطر يستشعره اليوم شعب البحرين الذي لن يجد من خيار أمامه سوى الإصطفاف خلف المحور المعادي لإسرائيل في المنطقة بعد ان بلغ السيل الزبى وتمادت العائلة الخليفية في ظلمها وطغيانها وإلى الحد الذي تضع فيها مستقبل البحرين في خطر.