البحرين اليوم – (خاص)
رفضت إيران الاتهامات التي وجهها ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، والتي زعم فيها بأن طهران تقف وراء “الإرهاب” مستبعداً الحوار معها، وذلك في أعقاب معلومات تداولتها مواقع إخبارية بأن “آل سعود قرروا إجهاض المبادرة الكويتية للمصالحة بين إيران ودول الخليج”، كما أرسل السعوديون “كلمات توبيخ قاسية” إلى النظام الخليفي بعد تصريحات أخيرة أدلى بها وزير خارجية النظام تتضمن الاستعداد للحوار مع طهران.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيراني، بهرام قاسمي، بأن تصريحات ابن سلمان “دليل على أن السعودية تدعم الإرهاب، وتسعى إلى سياسات المواجهة والدمار في المنطقة وتجاه إيران”.
وذكر قاسمي في تصريح يوم أمس الأربعاء، ٣ مايو، بأن تصريحات ابن سلمان “مع افتراض أكثر السيناريوهات تفاؤلا (تعني) أن السعوديين يفتقرون إلى الفهم الصحيح للقضايا الإقليمية”.
وقد أثار مراقبون “علامات استفهام كبيرة” حيال التصريحات “غير المعتادة” التي أطلقها ابن سلمان في مقابلة متلقزة أول أمس الثلاثاء، مشيرين إلى أن لجوء الأخير إلى “هذا اللون من التصريحات الحادة ضد إيران؛ يُراد منها التغطية على فشله المرتقب في مشروعه الاقتصادي المزعوم باسم رؤية ٢٠٣٠ والتي أعلنها العام الماضي، وسط تقارير تتحدث عن تفاقم الوضع الاقتصادي في السعودية”. كما تحدثت أوساط صحافية عن “تبني ابن سلمان لمقترح مستشاريه بالتصعيد ضد إيران لإخفاء إخفاق الحرب التي يقودها على اليمن منذ مارس ٢٠١٥م، دون تحقيق نتائج على الأرض”، كما اختار ابن سلمان – الذي يؤكد معارضون بأنه يسعى بشكل حثيث للوصول إلى العرش – اللغةَ الطائفية المكشوفة ضد إيران في مسعى ” من أجل إعادة موضعة موقعه داخل البيئة الوهابية التي تمثل الجناح الديني الحاكم في السعودية مع آل سعود”، وذلك بعد مخاوف تصدر بين فترة وأخرى من هذه البيئة بشأن “انعكاس رؤية ابن سلمان الاقتصادية على توسع الانفتاح الاجتماعي بين المواطنين، وإدخال إنماط جديدة من الحياة العصرية في البلاد التي يهيمن عليها المتشددون”.
الفأر لا يكون أسداً
بدوره، علق المعارض فؤاد إبراهيم على تصريحات ابن سلمان وقال بأن “محاولة تصنيع كاريزما لابن سلمان ستبوء بالفشل”، وأوضح بأن “المواصفات القيادية لا توفرها الدعاية والتلاعب بالعقول”، وأضاف “هل يمكن أن تصنع من فأر أسداً؟”.
إلى ذلك، تداولت مواقع إخبارية في وقت سابق بأن السعودية كانت تقف “حجرة عثرة” أمام إنجاح المبادرة الكويتية لإعادة الحوار بين إيران ودول الخليج العربية، حيث نقلت الكويت، عبر وزير خارجيتها، رسالة من أميرها إلى القيادة الإيرانية في يناير الماضي، كما زار الرئيس الإيراني حسن روحاني الكويت في فبراير الماضي واستعرضت الزيارة ملف العلاقات الإيرانية الخليجية وآليات تحريك الوساطة الكويتية. وقد تحدث بعد ذلك دبلوماسيون كويتيون عن “أجواء إيجابية” يتم التهيئة لها لعقد مشاورات متبادلة بين طهران والرياض على وجه الخصوص. إلا أن المعلومات الأخيرة تحدثت عن “انكفاء سعودي مبكر” عن هذه المبادرة، ولجأ السعوديون إلى توبيخ وزير خارجية آل خليفة، خالد أحمد، بعد أن أعلن منتصف أبريل الماضي في تصريح نقلته وكالة الأنباء الكويتية بأن “الحوار مع إيران مازال مستمرا”، وأعرب عن “تقديره للجهود والمساعي” التي تبذلها الكويت في هذا الملف.
في المقابل، لا يبدو أن الإيرانيين سيأخذون “على محمل الجد” تصريحات ابن سلمان، أو التأسيس عليها في الموقف “المبدئي” من المبادرة الكويتية، وهو ما يُفسر لجوء الدبلوماسية الإيرانية إلى وصف هذه التصريحات بأنها “خطأ إستراتيجي ويفتقر للحس السياسي”، وهو ما يعني – بحسب متابعين – بأن طهران تقرأ مواقف ابن سلمان على أنها “صدى للأوضاع المعقدة التي يعانيها آل سعود، سواء لجهة صراع الأجنحة المحتد بين ابن سلمان ومحمد بن نايف، أم لجهة انسداد الأفق أمام الطموح السعودي المترامي الأطراف في المنطقة والإقليم، بما في ذلك اليمن وسوريا والعراق”.
وبمعزل عن طبيعة الوضع الدائر خارج البيت السعودي؛ فإن مراقبين يذهبون إلى أن السعوديين “غير قادرين من الناحية الإستراتيجية على إعادة التموضع، والاستدارة باتجاه إيران”، مشيرين إلى أن “الوضع التكويني لآل سعود ينبيء عن انحباس أيديولوجي واقتصادي وسياسي غير مسبوق”، وهو وضع سيدفع السعوديين نحو المزيد “من الاندفاعة الخارجية وإثارة التوتر والقلق على المستوى الإقليمي”، بحسب ما شخّص تقرير للمخابرات الألمانية صدر في نوفمبر ٢٠١٥م، وجاء فيه إنه مع فقدان السعودية -أكبر مصدر للنفط في العالم- “الثقةَ في الولايات المتحدة كضامن للنظام في الشرق الأوسط؛ تبدو الرياض مستعدة لخوض مزيد من المخاطر في إطار تنافسها الإقليمي مع إيران”. ويختصر باحثون ذلك بالقول بأن “الأنبوب الأخير الذي يتنفس منه النظام السعودي اليوم هو باستمراره في العداء تجاه إيران وإثارة العداوة ضدها”، مضيفين أن “قطْع هذا الأنبوب يعني قطْع إمداد الحياة عن هذا النظام”.