إهانة الشيعة في البحرين مشكلة شخصية لطائفيين في البلاد أم مشكلة مناخ؟
البحرين اليوم – خاص
عباس الجمري
كاتب من البحرين
شهد عام 2011 فصلا طائفياً شديد الوضوح من قبل السلطة، حيث أقالت ما يربو عن ألفين مواطناً شيعيا وسجنت الآلاف، فيما صارت بيئات العمل موبوءة بالكراهية، وطفح التفلزيون الرسمي بالدوائر الحمراء التي يضعها العسس على صور المواطنين، والتي صورت في دوار اللؤلؤة بغية اعتقالهم، وكل مواطن يعرف تماماً ما حدث من متعلقات هذه البيئة الملوثة بخطاب الكراهية التي كانت طائفية بامتياز لكن بلبوس سياسي.
في عام 2012 قدم المدعو شارخ الدوسري عرضاً مالياً للشيعة، مقابل تغيير مذهبهم، وكان ذلك على حسابه بـ “تويتر”، على إثرها تقدمت المحامية فاطمة الحواج بدعوى، وقد حفظت ولم نر من القضاء المسيس أي شيء.
في عام 2014 تقدمت المحامية فاطمة الحواج أيضاً بشكوى ضد كاتب أردني في صحيفة البلاد (تابعة لرئيس الوزراء خليفة بن سلمان) طارق العامر، وذلك بعد أن ازدرى بالشيعة وشعائرهم، وقد تقدمت الحواج بالشكوى بتهمة إزدراء بملّة تطبيقاً لقانون 172 المعترف به بقانون العقوبات 309. ولم تبارح الشكوى مكانها.
وفي نفس العام، تقدمت المحامية الحواج ضد السلفي جاسم السعيدي بـ 6 شكاوي، وقالت على حسابها بتويتر آنذاك: “ انتهينا من تقديم ٦ شكاوي جنائية ضد جاسم السعيدي في قسم الجرائم الالكترونية بتهم سب و تحقير شعائر طائفة عن طريق النشر / المادة ٣٠٩ عقوبات “. وقد تحدث السعيدي عن الشيعة بطريقة دونية، حيث وصفهم بالقردة والخنازير، ودعا عليهم في سياق دعواته غير المستجابة على اليهود والنصارى.
قبل أيام، غرد النائب السابق “الإخواني” محمد خالد بتغريدة يهين فيها الإمام الثاني عشر للشيعة (الإمام المهدي)، بطريقة لا يقبلها أي منصف، وقد ماجت وسائل التواصل الاجتماعي على النائب السابق بين منتقد له وبين مطالب بمحاكمته، فيما أعلنت المحامية فاطمة الحواج تقديمها شكوى للنائب العام ضده، وعلى نفس السياق أعلن أكثر من عشرين مواطناً رفعهم شكوى ضد محمد خالد على نفس القضية.
في كل تلك المعمعة ومنذ 2011 وحتى اليوم لم يحاسب القضاء أي طائفي تحدث عن الشيعة بسوء، فيما زج نشطاء بتهمة ازدراء السنة في تهم ملفقة لا تصمد أمام مرافعة واحدة.
السياق إذن أبعد من موضوع تصرف شخصي هنا أو هناك، تعالجه العدالة طالما أن قانون العقوبات والنشر الإلكتروني يضمنان ذلك، السياق هو أن (المناخ المصنوع لتكاثر الفطريات الطائفية المضرة لا يزال مفعلاً)، وحينما يصمت أحدهم عن خطاب طائفي ما، فهذا لا يعني أنه راضٍ بعمله، بقدر ما أنه مستنكر لمناخ عملاق أخرج هؤلاء إلى الواجهة، ومواجهتهم بالقضاء أو بغيره لن يغير شيء طالما أن صناع المناخ راضون ومقتنعون بفاعليته، والأهم أن ذلك المناخ يوفر لهم أوراقاً سياسية، من الممكن استثمارها لاحقاً على طاولة التسوية التي يأملون أن تكون لصالحهم بنسبة 150%.
في البحرين ولأسباب سياسية بحتة، ضُيّق على الشعائر الدينية، وأغلقت مؤسسات “دينية” بحتة، واعتقلت بعض الشخصيات الدينية التي لا علاقة لها بالسياسة كالمعتقل السابق السيد محمود الموسوي، والمعتقل المحكوم بخمسة عشر عاماً الشيخ علي المرشد وآخرين، وحورب الخمس، فهل السياق مختلف يا ترى؟
السؤال المباشر الذي سيأتي بعد هذا العرض، وهل الصمت هو الحل؟ لن يكون الصمت حلاً لمثل هذه القضايا، لكن الإقرار بوجود مناخ صنعته السلطة، سيغير الرؤية للحل بشكل تلقائي.