اكتشاف النفط الصخري في البحرين “خردة”.. مثل تصنيفها الإئتماني
من المنامة – البحرين اليوم
فاجأت البحرين أسواق النفط العالمية والدول المنتجه للنفط بإعلانها اكتشاف احتياطات ضخمة من النفط والغاز. فقد أعلن وزير النفط محمد الخليفة اكتشاف حقل يحتوي على احتياطات تقدر بأكثر من 80 مليار برميل من النفط الصخري و 10 إلى 20 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي. ويقع هذا الحقل في منطقة خليج البحرين الواقعة في المنطقة الغربية من الحدود وبمساحة تقدر بنحو 2000 كيلومتر مربع.
ويبدو للوهلة الأولى أن هذا الاكتشاف يمكن أن يحول البحرين – وهي منتج نفطي صغير من خارج أوبك – إلى لاعب مهم في سوق النفط العالمية. فهذه الإحتياطات النفطية تماثل احتياطات روسيا من النفط، وهي تمثل رقما ضخما مقارنة بإحتياطات البحرين الحالية. إذ يبلغ احتياطي البحرين المؤكد من النفط 124،6 مليون برميل، حيث تملك البلاد حقلين رئيسيين لإنتاج النفط وهما حقل البحرين البحري الذي ينتج حوالي 50 ألف برميل يوميا وحقل أبو سعفه البحري الذي ينتج 300 ألف برميل يوميا، وهو مشترك مع السعودية، وتحت إشراف شركة أرامكو.
إلا أنه لا يزال من غير الواضح معرفة كم من هذه الاحتياطيات يمكن استخراجها وفقًا للتقييمات المستقلة التي أجراها مستشارو النفط لشركات ” ديغولير“ و“ماغنوتون ” و“هاليبورتون“ لخدمات حقول النفط. يضاف إلى ذلك الجدوى الإقتصادية من هذا الإنتاج مع الأخذ بنظر الإعتبار الكلفة المرتفعة لأنتاج النفط الصخري، بالإضافة إلى تدني أسعار النفط العالمية. إذ أن كلفة الإنتاج العالية تجعل من الصعب استمراره مع انخفاض أسعار النفط العالمية.
وفي هذا السياق رأى المدير التنفيذي السابق في شركة أرامكو السعودية والخبير النفطي سعد الحسيني أن هناك ”حاجة لمزيد من جمع البيانات والتقييم بشكل جيد لتحديد ما إذا كانت هناك أي فرص تجارية مستقبلية في تلك الموارد“، معتبرا أن تحويل تقديرات الموارد إلى احتياطيات واقعية هي “عملية مكلّفة، وقد لا يمكن في نهاية المطاف تحويل جميع الموارد إلى احتياطيات” .
وأما كلفة إنتاج النفط الصخري فلازالت مرتفعة للغاية مقارنة بالنفط الشائع، ولذا فإن أي انخفاض في أسعار النفط العالمية ينعكس سلبا على عملية إنتاج النفط الصخري التي تصبح شبه منعدمة الجدوى الإقتصادية. فقد لقي قطاع إنتاج النفط الصخري ضربة موجعة مع الإنخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية الذي بدأ في العام 2014 .
أدى ذلك الإنهيار في الأسعار إلى خفض إنتاج آبار النفط الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك خفض الحفر بمعدل بلغ 60% قياسا لما كان عليه قبل انهيار الأسعار. وتبع ذلك توجه أعداد كبيرة من الشركات المنتجة في الولايات المتحدة نحو خفض حجم استثماراتها في شركات النفط الصخري، حيث حيث تأثر سلباً أكثر من 100 مليار دولار من الإنفاق الرأسمالي في هذا القطاع.
فيما انخفض إجمالي عدد حفارات النفط قيد التشغيل في الولايات المتحدة ليصل إلى 631 حفاراً في حين سجل عدد الحفارات ذروة بلغت 1609 في قبل انخفاض الأسعار. وقد أدت هذه التطورات السلبية إلى ارتفاع ديون شركات النفط الصخري، حيث قدرت وكالة “بلومبيرغ” حجم الديون على شركات النفط الصخري بنحو 235 مليار دولار بعد عام من انهيار اسعار النفط. وبدأت الديون في الضغط على التصنيف الائتماني لشركات النفط الصخري المستقلة.
وبغض النظر عن كل ذلك؛ فإن التوسع في إنتاج النفط الصخري وسوائل الغاز الطبيعي غير التقليدية والغاز الصخري؛ تثير اليوم قلق المجتمع الدولي بسبب اعتماد الإنتاج على التكسير الهيدروليكي، الذي له العديد من التأثيرات السلبية على الأراضي والموارد المائية، والهواء وكذلك المجتمعات السكانية وملاك الأراضي. وقد دفعت هذه المضار البيئية بعدد من الدول الأوروبية، مثل فرنسا وألمانيا، إلى حظر إنتاج النفط الصخري، فيما بأتي الخطر الأكبر من تشجع النشاط الزلزالي في المناطق التي يستخرج منها النفط الصخري. بالإضافة إلى تزايد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وزيادة تلوث المصادر المائية وانبعاث الغازات الضارة بالبيئة.
ولذلك، لا يبدو أن إعلان البحرين عن هذا الإكتشاف ستكون له إنعكاسات إيجابية على اقتصاد البلاد المتهاوي وعلى تصنيفها الإئتماني الذي تتفق شركات التصنيف الإئتماني العالمي على أنه ”خردة“، ويبدو أن هذا الإكتشاف هو الآخر ”خردة“، وما هو إلا محاولة يائسة من سلطات البحرين لكسب ثقة المستثمرين الدوليين الذين لن تنطلي عليهم مثل هذه ”الإكتشافات“ المزعومة ما لم يتم التحقق من مصداقيتها ومن جدواها الإقتصادية.