إعدام الشيخ النمر وقيادات “القاعدة”.. هل ينجح آل سعود في خلط الأوراق؟
“خلط الأوراق” هي السياسة المفضّلة لآل سعود.
الحملة الدعائية التي تمّ إعدادها خلال الأسبوعين الماضيين، في سياق تنفيذ الإعدامات في السعودية، عمدت بشكلٍ رئيسي إلى جمْع المتهمين بتنظيم القاعدة، مع النشطاء السياسيين المحكومين بالإعدام في بلدة العوامية بمنطقة القطيف شرق السعودية. الهدف كان واضحاً، واتبعته السعودية في مرات عديدة، وهي سياسة استفاد منهم الخليفيون في البحرين في أكثر من محطة أيضاً.
وسائل الإعلام السعودية ضخّمت من خطر تنظيم القاعدة، وأعادت إنتاجَ الأفلام والأقلام التي تتحدث عن تاريخ هذا التنظيم والعلميات التي تبنّاها أو نُسبت إليه، وجرى ذلك متوازياً مع تظهير نشطاء العوامية المحكومين بالإعدام، وعلى رأسهم الشيخ النمر، على أنهم في مستوى واحد مع الخطر الإرهابي الذي تمثله القاعدة وأخواتها.
التهديد الذي أصدره تنظيم القاعدة إلى السعودية في حال نفذّت الإعدمات بحقّ أعضائه، هو النتيجة التي يريد آل سعود انتزاعها من التنظيم، وذلك بغرض أن يكون هذا التهديد متوازياً مع الإدانات والتحذيرات التي أطلقتها المنظمات والأطراف الدولية والمرجعيات الدينية بشأن أحكام الإعدام بحقّ نشطاء العوامية، وبينهم الشيخ النمر.
وإذا كان المغرد السعودي الشهير، المعروف باسم مجتهد، قال إنه من المتوقع أن يتم تنفيذ الإعدامات ال 55 اليوم الثلثاء، 1 ديسمبر، ما لم يحدث تطور آخر، فإنّ المغرّد المعروف بقربه من مصادر القرار السعودي، أوضح بأنّ عملية التنفيذ ستتم في مدن سعودية متفرقة، وهو ما يتقاطع مع المعلومات التي ذكرت بأنّ بعض المحكومين بالإعدام تمّ ترحيلهم إلى مناطق بعيدة عن مكان سكانهم، حيث نُقل محكومون من العوامية إلى جنوب السعودية، وتحديداً إلى منطقة عسير.
أمهات المحكومين بالإعدام في العوامية وبعد بيانهم الجماعي الذي رفض الإعدامات، وحمّل الملك السعودي مسؤوليته، توالت ردود الأفعال من جانبهن، مع تصاعد الحملة السعودية المعبّأة لتنفيذ الإعدامات.
وفي آخر المواقف على هذا الصعيد، تحدثت والدةُ المعتقل المحكوم بالإعدام داوود المرهون، السيدة آمنة آل صقر، عن معاناة ابنها منذ اعتقاله من المستشفى وخلال المراحل التحقيق والمحاكمة. (شاهد: هنا)
آل صقر أشارت إلى أنه تم وضع ابنها في الدار الإجتماعية بالدمام شرق السعودية، بسبب صغر سنّه ثم تم وضعه بالسجن الإنفرادي، وتعرّض للتعذيبِ الجسدي والنفسي خلال التحقيق.وأكدت أن محاكمة ابنها افتقرت إلى كافة شروط المحاكمة العادلة خاصة وأن اعترافاته تم انتزاعها تحت التعذيب.
وشددت والدة المرهون على أن ابنها تعرض للظلم في كل المراحل خاصة أنه لم يجرح أو يقتل أحد، وأكدت أنه لو تم قتل ابنها فهذا هو الظلم الأكبر الذي لا يمكن تصحيحه، مشيرة إلى أنها وكل أمهات المحكومين بالإعدام لن يسكتن إلا إذا تم قتلهن مع أولادهن.
دخول أمهات المحكومين على الخط المعارض، والعلني، يمثّل تطوراً مهماً في سجل الاحتجاجات في المنطقة الشرقية، ومن المرشّح أنّ يمثل هذا التطور تغييراً نوعياً في أداء الاحتجاج السياسيّ العام في المنطقة التي تواجهة استهدافاً أمنياً وطائفياً ممنهجاً من آل سعود، وقد يأخذ هذا الاحتجاج نمطاً مشابهاً للنمط الاحتجاجي الذي طبعَ البحرين مع بروز لجان المعتقلين ورابطة عوائل الشهداء.
المواقف الدينيّة في العالم آخذة في التصاعد، ودخول مفتي أهل السنة في العراق، الشيخ مهدي الصميدعي، على الخط يُشكّل إحراجاً جديداً لآل سعود، حيث سيُربك ذلك خطة السعودية في خلط الأوراق، من جهة، كما سيُعطي قضية الشيخ النمر تحديداً بُعداً إسلامياً وإقليمياً عاماً، من جهة أخرى.
التظاهرات التي بدأت في بلدة العوامية، والقطيف، وحركة الاحتجاج المدني هناك، تُعد مؤشراً على الوجهة التي ستجه إليها منطقة القطيف في حال تم تنفيذ الإعدامات، وهو ما يجب أن يأخذه آل سعود في الحسبان في حال جرى عقلنة الفعل الرسمي بإزاء ملف الإعدامات.
التسارع السعودي لترسيخ أكذوبة أنها ستوسّع من حربها على الإرهاب، وخاصة مع الإنقاذ التركي الذي وُجّه إلى السعودية من خلال حديث أنقرة أمس عن تحرّك جديد لمواجهة الإرهاب، بالتعاون مع السعودية تحديداً، يأتي في سياق المحاولة السعودية المستميتة من أجلِ “تنظيف” السيرة السعودية الملوّثة بدعم المتطرفين والجماعات الإرهابية، وعلى مدى العقود الماضية، ولكنها محاولة لم تُقنع الكثير من الناشطين والمنظمات الحقوقية والجهات الدولية في الغرب، والتي تواصل ربطها بين آل سعود وداعش، باعتبار أن الأخيرة ابنا للأم الوهابيّة.
بعض المصادر تتحدث عن تجهييز جدّي لتنفيذ إعدام الناشطين الشيعة، وتتحدث هذه المصادر عن احتمال أن تختار السعودية ذكرى أربعين الإمام الحسين بن علي وقتاً لتنفيذ الإعدامات، لتستغل بذلك انشغال المسلمين الشيعة في العالم بهذه المناسبة الدينية الهامة، إلا أنّ ذلك – كما تقول المصادر – لن يَحُل دون بروز ردود أفعال “عنيفة” و”مفصلية” في حال أقدمت الرياض بالفعل على تنظيم الإعدامات، ولاسيما في ظلّ الاحتقان العام الذي يتزايد داخل السعودية وخارجها.