عباس الجمري
أقذر سلاح بشري طورته السعودية
البحرين اليوم – (خاص)
عباس الجمري
كاتب من البحرين
أقذر أسلحة الحرب والسلم هو “الحصار”، الذي يحوي تاريخاً طويلاً من السوداوية والظلم، إلا في حالات اشتداد المعارك بين الطرفين، فإنه يعد مفهوماً وربما مستساغاً، ولكن لا يخلو من إظهار لبشاعة النزعة البشرية في الفتك والبطش.
فالدولة الأموية قامت بحصارين، والدولة العثمانية قامت بثلاثة، فيها ما فيها من “العدوان”، أما الحصار الذي يتأتى للدفاع، مثل حصار الجيش الأحمر لقوات الجيش السادس الألماني في الحرب العالمية الثانية 1942 في المعركة الشهيرة المعروفة باسم “ستالينغراد”؛ فإنه حصار ضد محتل، يقوم به أهل البلد في مواجهة الغزاة. وكان مبرره أن الجيش السادس الألماني أقوى من الجيش الأحمر، لولا التكتيك السوفييتي الذي حول المعركة التقليدية إلى حرب شوارع، وكذلك الجو القارس الذي جعل الألمان يضعفون وتذوي مقاومتهم للحصار.
وهناك إعلانان دوليان لضوابط وقانونية الحصار التي تقوم به دولة ما ضد أخرى، الأول إعلان القرم 1856 والآخر إعلان لندن 1909، إلا أن بعض الدول الكبرى تخالف الإعلانين وتفرض ما ترتأيه من مصلحة قومية لها، كالعقوبات الأمريكية على كوبا وإيران والسودان والعراق وسوريا وروسيا وغيرها، والذي يعد في العرف الدولي نوعاً من أنواع الحصار.
في قراءة تفاصيل السياقات التي حدثت منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الأمد القريب؛ نفهم معنى الحصار في مفهومه الحربي والسلمي والذي يتشكل وفق قواعد سياسية يمكن تبريرها، وبالمقدار نفسه، فإن إجراء مقارنة بين أنواع الحصار في التاريخ مع ما تقوم به السعودية من حصار اليمن أو قطر، يبدو الأمر أشبه بالطفرة الجينية في قوانين اللعب السياسي. فمثلا، في اليمن اختفى مفهوم الحرب بشكله الواضح والحرفي، ليحل محله مفهوم “الإبادة الجماعية”، حيث إن 90% مما تقوم به السعودية في اليمن هو “إبادة”، وقد عبرت منظمة “أوكسفام” عن قلقها البالغ، ودقّت جرس الخطر حال الوضع الإنساني الذي يعانيه اليمنيون: عشرون ميلوناً مهدد بالمجاعة، ويموت كل عشر دقائق طفل من الجوع أو المرض، والكوليرا تضرب ثمانية ملايين، ولا يزال الحاصر سارياً، والطائرات تحصد أرواح المدنيين.
أما الحصار الثاني الذي فرضته السعودية على دولة قطر، فيكاد يودي بالبلد إلى الهاوية لولا فتح الأجواء الإيرانية للدوحة، وهو لا يقل “خسّة” عن الأول، لولا أن الثاني فيه عوامل فشل أكثر من الأول.
وفي الجملة، فإن آل خليفية وهم عمّال آل سعود، وينفذون ذات السياسات لكن على مقياس يناسبهم؛ ينفذون أيضا حصارا ضد بلدة الدراز وبيت الشيخ عيسى قاسم، وحيث لا لحرب هناك، ولا لخطر داهم يهدّد المكان، إلا لخصيصة الفتك التي جبلت عليها قبائل لا تفهم السياسة إلا بمجهر القبيلة وتوحشها.
وفي الجملة، فإن آل خليفية وهم عمّال آل سعود، وينفذون ذات السياسات لكن على مقياس يناسبهم؛ ينفذون أيضا حصارا ضد بلدة الدراز وبيت الشيخ عيسى قاسم، وحيث لا لحرب هناك، ولا لخطر داهم يهدّد المكان، إلا لخصيصة الفتك التي جبلت عليها قبائل لا تفهم السياسة إلا بمجهر القبيلة وتوحشها.