أزمة كورونا تكشف عن الإضطهاد الطائفي في البحرين
رأي البحرين اليوم – خاص
كشفت أزمة فيروس كورونا المستجد“ كوفيد-19“ مدى فشل وهزالة بعض أنظمة المنطقة في التعاطي مع هذه الأزمة الصحية التي تعصف بمختلف دول العالم. ففي الوقت الذي أدت فيه العديد من حكومات المنطقة مسؤولياتها على أحسن وجه اتجاه مواطنيها، فإن حكومة البحرين كانت مثالا صارخا للحكومات الفاشلة التي لم تنهض بمسؤولياتها تجاه مواطنيها.
ظهر هذا الفشل والتقصير من خلال أزمة البحرانيين العالقين في إيران، حيث تخلت السلطات الخليفية عن أكثر من ألفي مواطن بحراني، ولم تبادر لإجلائهم كما فعلت دول خليجية أخرى، في مقدمتها قطر والكويت وعمان، بل إنها لم تتجاوب مع عروض قدمتها بعض دول المنطقة للمساعدة في نقل البحرانيين العالقين في إيران.
تسبب هذا التخلي في وفاة خمسة من البحرانيين بعد أن تقطعت بهم السبل، ونفدت أموالهم وأدويتهم، وبينهم الكثير ممن يعانون من أمراض مزمنة. وبعد تزايد الإنتقادات والمطالبات، تمخض الجيل فولد فأرا، إذ قام حاكم البحرين حمد الخليفة بتحميل إدارة الأوقاف الجعفرية كلفة إعادة المواطنين البحرينيين العالقين في إيران!
قرار تشم منه رائحة طائفية مقيتة من ناحية، وتهرب للنظام من تحمل مسؤولياته من ناحية أخرى، فالعالقون مواطنون بحرانيون بالمقام الأول، وأزمتهم ليست قضية زواج أو صراع على إدارة مأتم أو مسجد حتى يلجأوا إلى إدارة الأوقاف، بل هي أزمة إنسانية يقع على عاتق السلطات حلها كما تصرفت دول المنطقة، وهي من صلب عمل وزارة الخارجية المسؤولة عن المواطنين في الخارج.
وهنا يبرز تساؤل مشروع، وهو لماذا فشلت السلطات الخليفية في التعاطي مع هذه الأزمة؟
من الواضح أن سياسات الحكومة الطائفية والقمعية والإقصائية للبحرانين أحد العوامل الأساسية التي تقف وراء هذا الفشل! فالسلطات غير متحمسة لحل أزمة مواطنين تعتبرهم أعداءا لها ويشكلون خطرا على حكم العائلة الخليفية التي احتلت البحرين قبل اكثر من قرينين من الزمن.
هذه العائلة ومنذ احتلالها للبحرين حكمت أهلها بقوة السيف وقتلتهم وعذبتهم وحرمتهم من حقوقهم الإنسانية، وهي مستمرة بهذه السياسات التي تهدف لإقصاء وتهميش أهل البلد الأصليين واستبدالهم بأغراب وفقا لسياسات التجنيس السياسي التي تتبعها السلطة منذ سنوات عديدة. ولذا فإن التخلي عن هؤلاء العالقين يندرج ضمن إطار سياسات الإقصاء بل المساهمة في القضاء على أهل البلاد الأصليين وتحويلهم إلى أقلية.
وأما العامل الآخر فهو البنية الصحية المهترئة في البحرين. فالقطاع الصحي يعاني من ضعف الإمكانيات، وغياب الكوادر الطبية، بعد أن تم فصل وإبعاد الكوادر المحلية واستبدالها بطواقم أجنبية غير كفوءة، ويمكن ملاحظة ذلك في مستشفى السلمانية التي تدهورت فيها الخدمات الصحية بشكل كبير، حيث تبلغ مدة الانتظار عند مراجعة المستشفى أكثر من ثمان ساعات بالمتوسط، وذلك في الحالات العادية.
وتعاني البحرين من نقص كبير في عدد الأطباء إذ تبلغ حاجة البحرين 10 آلاف طبيب، وفقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية التي تشير إلى أهمية وجود طبيب واحد على الأقل لكل ألف مواطن، في حين لا يتعدى عدد الأطباء في البحرين الـ 2500 طبيب على أكثر تقدير، والأمر ينطبق كذلك على باقي الكوادر الطبية.
هذا الضعف في الإمكانيات ينبع من عدم تخصيص موازنة كافية للقطاع الصحي، لإن العائلة الحاكمة في البحرين أهدرت موارد البلاد خلال السنوات الماضية على تعزيز الجانب الأمني والعسكري بهدف إحكام قبضتها على السلطة وقمع أي حراك شعبي يطالب بالحقوق، ولشراء الدعم السياسي من الدول المهيمنة، حتى استحوذت الموازنة الأمنية والعسكرية على أكثر من 30% من موازنة البلاد كل عام. ويضاف إلى ذلك فساد العائلة الحاكمة ونهبها لثروات البلاد، فإن ما يتبقى من موازنة لا يفي باحتياجات القطاعات المختلفة من تعليم وصحة ومسكن وغيرها.
كما أن مشاركة البحرين في الحروب العبثية كالعدوان على اليمن زادت من الهدر والإنفاق، على حساب واقع البلاد في مختلف المجالات. ومع انخفاض أسعار النفط العالمية تواجه البحرين أزمة إقتصادية أثرت على مختلف مناحي الحياة، حاولت العائلة الحاكمة معالجتها عبر فرض الضرائب، ورفع الدعم عن بعض السلع الأساسية، فارضة على المواطنين دفع ثمن سياساتها الفاشلة وفسادها.
وبرغم كل ذلك استمرت السياسية الخليفية الرعناء بالإنفاق على تسالي وهوايات أبناء الحاكم كسباق الرجل الحديدي الذي ينظمه ناصر، وسباق الجائزة الكبرى للسيارات برعاية ولي العهد سلمان. وسلطت السلطات وإعلامها الاهتمام على إقامة سباق فورمولا في البحرين، في الوقت الذي تركت فيه المواطنين العالقين في إيران يلاقون مصيرهم. كما اتخذت السلطات قرارا تتساهل فيه مع الفرق المشاركة في السباق مستثنية إياها من إجراءات كورونا قبل أن يتم إلغاء السباق من الشركة المالكة للسباق، بينما كان المواطنون العالقون في إيران يوارون جثمان الضحية الخامس وهم ينتظرون الفرج بالعودة إلى ديارهم.
إن أزمة كورونا كشفت مرة أخرى عن الوجه الطائفي البغيظ للعائلة الحاكمة، والاستهتار بكرامة المواطنين، وبينت على أن سياسة السلطة تنصب على تعزيز قبضة عائلة آل خليفة التي لا ترى في البحرين إلا بقرة حلوبا تنهب خيراتها، وتقمع شعبها وتزج بأبنائها في السجون وتعتقل حرائرها وتعدم أبناءها وتترك العالقين منهم في الخارج يلاقوا مصيرهم دون أن تقدم لهم يد العون كما تفعل العديد من حكومات المنطقة.