بيان كبار العلماء.. ملاحظة عابرة
البحرين اليوم – (خاص)
إن بيان كبار العلماء الأخير هو بيان موفق جدا، بل يمكن اعتباره بياناً جريئاً، بسبب صدوره في وقت حساس، وخاصة بعد التهديدات التي أطلقها وزير الداخلية الخليفي، راشد الخليفة.
بيان كبار العلماء حقّق، في نظري القاصر، بعض الأهداف المهمة، وخاصة بالنظر إلى أن البيان العلمائي تلاه صدور بيانات ومواقف أخرى مؤيّدة له ولما جاء في مضمونه، وهي بيانات ومواقف كانت في محلّها ووقتها، وأسهمت في تعزيز تلك الأهداف المهمة التي حقّقها البيان العلمائي.
ولكن، تنبغي الإشارة إلى أن صحّة مضمون البيان، والمواقف المساندة له، لا تعني ضرورة تكرارها، مرةً بعد أخرى.
وعلى نحو خاص، فإنّي لا أرى صحّة التأكيد المتكرّر، وفي كلّ مناسبة، على أننا “لا نطالب بدولة دينية”.
يستند ذلك على خطورة أن يجرّنا النظام الخليفيّ إلى تكرار هذه الجملة، إلى أن تترسّخ في الوعي العام، ولتُصبح وكأنها “مبدأ ثابت” في ثقافة الشعب البحراني، وهو أمرٌ – بحسب رأيي – مجانب للصّواب لجهة عملية تربية الجماهير تربيةً عقائديّة.
وفي هذا السياق، وللتأكيد على خطورة ذلك، فإنّ النظام استطاع – بمقدار ما، وعلى نفس المنوال – جرَّ بعض الأطراف المعارضة إلى تكرار مقولة “نبذ العنف” على المستوى المفاهيمي وفي الخطاب العام، إلى أن ترسّخت هذه المقولة على نحو خاطيء تطبيقاً عند شريحة واسعة من الناس.
كلّ ذلك يتحرّك على خلفية أساسيّة، وهو أنّه مخطيء منْ يتصوّر أن صراعنا مع النظام هو صراع سياسيّ فقط. ومنْ يتصوّر ذلك فهو واهم. وواهمٌ أيضاً منْ يظنّ أن النظام لا يقف خلفه منْ يُخطّط لصياغة فكر جماهيري ونخبوي – وبطرقٍ شتى – قد تصل إلى مساجدنا.
إنّ ما يجري في الصراع مع الخليفيين ليس بعيداً عن حرب الأفكار، وصناعة الرأي العام، وهو ما يجب التنبّه له من الجميع.
أسأل الله سبحانه أن يعيننا على تحمل مسؤولياتنا العلمية والعملية، وأن يوفق قادتنا على الثبات في هذا الطريق الشائك الطويل، فهم نعم العلماء والقادة.